المنشورات

الأوس والخزرج:

ومن أعزّ الناس نفسا وأشرفهم همما: الأنصار، وهم الأوس والخزرج ابنا قيلة، لم يؤدّوا إتاوة قطّ في الجاهلية إلى أحد من الملوك، وكتب إليهم تبّع يدعوهم إلى طاعته ويتوعّدهم إن لم يفعلوا؛ فكتبوا إليه:
العبد تبّع كم يروم قتالنا ... ومكانه بالمنزل المتذلّل
إنّا أناس لا ينام بأرضنا ... عض الرسول ببظر أمّ المرسل
فغزاهم تبّع أبو كرب، فكانوا يقاتلونه نهارا ويخرجون إليه القرى ليلا، فتذمّم من قتالهم ورحل عنهم.
ودخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك، فقال له: من أنت؟ وتجهّم له كأنه لا يعرفه. فقال له الفرزدق: وما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا. قال: أنا من قوم منهم أوفى العرب، وأسود العرب، وأجود العرب، وأحلم العرب، وأفرس العرب، وأشعر العرب. قال: والله لتبيننّ ما قلت أو لأوجعن ظهرك ولأهدمن دارك.
قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ أما أوفى العرب فحاجب بن زرارة الذي رهن قوسه عن جميع العرب فوفى بها، وأما أسود العرب فقيس بن عاصم الذي وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فبسط له رداءه وقال: هذا سيّد الوبر. وأما أحلم العرب فعتّاب بن ورقاء الرّياحي. وأما أفرس العرب فالحريش بن هلال السّعديّ، وأما أشعر العرب فهأنذا بين يديك يا أمير المؤمنين.
فاغتّم سليمان مما سمع من فخره ولم ينكره، وقال ارجع على عقبيك، فما لك عندنا شيء من خير. فرجع الفرزدق وقال:
أتيناك لا من حاجة عرضت لنا ... إليك، ولا من قلّة في مجاشع
وقال الفرزدق في الفخر:
بنو دارم قومي ترى حجزاتهم ... عتاقا حواشيها رقاقا نعالها «1»
يجرّون هدّاب اليمان كأنّهم ... سيوف جلا الأطباعّ عنها صقالها «2»
وقال الأحوص في الفخر؛ وهو أفخر بيت قالته العرب:
ما من مصيبة نكبة أرمى بها ... إلا تشرّفني وترفع شاني
وإذا سألت عن الكرام وجدتني ... كالشمس لا تخفى بكلّ مكان












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید