المنشورات

انتحال العلم

قال بعض الحكماء: لا ينبغي لأحد أن ينتحل العلم، فإن الله عز وجل يقول:
وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
«1» وقال عز وجل: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ
«2» .
وقد ذكر عن موسى بن عمران عليه السلام، أنه لما كلمه الله تعالى تكليما، ودرس التوراة وحفظها، حدثته نفسه أن الله لم يخلق خلقا أعلم منه، فهوّن الله إليه نفسه بالخضر عليه السلام.
وقال مقاتل بن سليمان وقد دخلته أبّهة العلم: سلوني عما تحت العرش إلى أسفل من الثرى. فقام إليه رجل من القوم فقال: ما نسألك عما تحت العرش ولا أسفل من الثرى، ولكن نسألك عما كان في الأرض وذكره الله في كتابه: أخبرني عن كلب أهل الكهف، ما كان لونه؟ فأفحمه.
وقال قتادة: ما سمعت شيئا قط ولا حفظت شيئا قطّ فنسيته. ثم قال: يا غلام، هات نعلي. فقال: هما في رجليك. ففضحه الله.
وأنشد أبو عمرو بن العلاء في هذا المعنى:
من تحلّى بغير ما هو فيه ... فضحته شواهد الإمتحان
وفي هذا المعنى:
من تحلّى بغير ما هو فيه ... شان ما في يديه ما يدّعيه
وإذا قلّل الدعاوى لما في ... هـ أضافوا إليه ما ليس فيه
ومحلّ الفتى سيظهر للنا ... س وإن كان دائبا يخفيه
وبحسب الذي ادّعى ما عداه ... أنّه عالم بما يفتريه
وقال شبيب بن شيبة لفتى من دوس: لا تنازع من فوقك، ولا تقل إلا بعلم، ولا تتعاط ما لم تبل «1» ، ولا يخالف لسانك ما في قلبك، ولا قولك فعلك، ولا تدع الأمر إذا أقبل، ولا تطلبه إذا أدبر.
وقال قتادة: حفظت ما لم يحفظ أحد، وأنسيت ما لم ينس أحد: حفظت القرآن في سبعة أشهر، وقبضت على لحيتي وأنا أريد قطع ما تحت يدي فقطعت ما فوقها.
ومر الشعبيّ بالسّدّي وهو يفسّر القرآن، فقال: لو كان هذا الساعة نشوان يضرب على استه بالطبل، أما كان أحسن له؟
وقال بعض المنتحلين:
يجهّلني قومي وفي عقد مئزري ... تمنّون أمثالا لهم محكم العلم
وما عنّ لي من غامض العلم غامض ... مدى الدهر إلا كنت منه على فهم
وقال عديّ بن الرّقاع:
وعلمت حتى ما أسائل عالما ... عن علم واحدة لكي أزدادها











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید