المنشورات

شرائط العلم وما يصلح له

وقالوا: لا يكون العالم عالما حتى تكون فيه ثلاث خصال: لا يحتقر من دونه، ولا يحسد من فوقه، ولا يأخذ على العلم ثمنا.
وقالوا: رأس العلم الخوف من الله تعالى.
وقيل للشعبي: أفتني «2» أيّها العالم! فقال: إنما العالم من اتقى الله.
وقال الحسن: يكون الرجل عالما ولا يكون عابدا، ويكون عابدا ولا يكون عاقلا.
وكان مسلم بن يسار عالما عابدا عاقلا.
وقالوا: ما قرن شيء إلى شيء، أفضل من حلم إلى علم. ومن عفو إلى قدرة.
وقالوا: من تمام آلة العالم أن يكون شديد الهيبة، رزين المجلس، وقورا صموتا، بطيء الالتفات، قليل الإشارات، ساكن الحركات، لا يصخب ولا يغضب، ولا يبهر «1» في كلامه، ولا يمسح عثنونه «2» عند كلامه في كل حين؛ فإن هذه كلّها من آفات العيّ.
وقال الشاعر:
مليء ببهر والتفات وسعلة ... ومسحة عثنون وفتل الأصابع
ومدح خالد بن صفوان رجلا، فقال: كان بديع المنطق، جزل الألفاظ، عربيّ اللسان، قليل الحركات، حسن الإشارات، حلو الشمائل، كثير الطلاوة، صموتا وقورا، يهنأ الجرب، ويداوي الدّبر، ويقلّ الحزّ، ويطبّق المفصل؛ لم يكن بالزمر المروءة، ولا الهذر المنطق، متبوعا غير تابع.
كأنّه علم في رأسه نار
وقال عبد الله بن المبارك في مالك بن أنس رضي الله عنه:
يأبى الجواب فما يراجع هيبة ... فالسائلون نواكس الأذقان
هدي الوقار وعزّ سلطان التّقى ... فهو المهيب وليس ذا سلطان
وقال عبد الله بن المبارك فيه أيضا:
صموت إذا ما الصمت زيّن أهله ... وفتّاق أبكار الكلام المختّم
وعى ما وعى القرآن من كلّ حكمة ... وسيطت له الآداب باللحم والدم «3»
بين عبد الملك ورجل:
ودخل رجل على عبد الملك بن مروان، وكان لا يسأله عن شيء إلا وجد عنده منه علما، فقال له: أنّى لك هذا؟ فقال: لم أمنع قطّ يا أمير المؤمنين علما أفيده، ولم أحتقر علما أستفيده، وكنت إذا لقيت الرجل أخذت منه وأعطيته.
وقالوا: لو أنّ أهل العلم صانوا علمهم لسادوا أهل الدنيا، لكن وضعوه غير موضعه فقصّر في حقّهم أهل الدنيا.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید