المنشورات

بين نوفل وامرأته:

وكان نوفل بن مساحق إذا دخل على امرأته صمت، فإذا خرج عنها تكلم. فقالت له: إذا كنت عندي سكتّ، وإذا كنت عند الناس تنطق! قال: إني أجلّ عن دقيقك وتدقّين عن جليلي.
وذكر شبيب بن شيبة خالد بن صفوان فقال: ليس له صديق في السر ولا عدو في العلانية.
وهذا كلام لا يعرف قدره إلا أهل صناعته.
ووصف رجل آخر فقال: أتيناه فأخرج لسانه كأنه مخراق لاعب «1» .
ودخل معن بن زائدة على المنصور يقارب خطوه، فقال المنصور: لقد كبرت سنك؛ قال: في طاعتك؛ قال: وإنك لجلد؛ قال: على أعدائك؛ قال: أرى فيك بقية؛ قال: هي لك.
وكان عبد الله بن العباس بليغا، فقال فيه معاوية:
إذا قال لم يترك مقالا ولم يقف ... لعيّ ولم يثن اللسان على هجر «2»
يصرّف بالقول اللسان إذا انتحى ... وينظر في أعطافه نظر الصّقر
وتكلم صعصعة بن صوحان عند معاوية فعرق، فقال له معاوية: بهرك القول؟
قال: الجياد نضّاحة «3» بالعرق.
وكتب ابن سيابة إلى عمرو بن بانة: إنّ الدهر قد كلح «4» فجرح، وطمح فجمح، وأفسد ما صلح، فإن لم تعن عليه فضح.
ومدح رجل من طيء كلام رجل فقال: هذا الكلام يكتفى بأولاه، ويشتفى بأخراه.
ووصف أعرابيّ رجلا فقال: إنّ رفدك لنجيح، وإنّ خيرك لصريح، وإنّ منعك لمريح.
ودخل إياس بن معاوية الشام وهو غلام، فقدّم خصما له إلى قاض لعبد الملك، وكان خصمه شيخا كبيرا. فقال له القاضي: أتقدّم شيخا كبيرا؟ فقال له إياس:
الحق أكبر منه؟ قال له: اسكت؛ قال: فمن ينطق بحجتي؟ قال: ما أظنك تقول حقا حتى تقوم؛ قال: أشهد أن لا إله إلا الله. فقام القاضي فدخل على عبد الملك فأخبره بالخبر. فقال: اقض حاجته الساعة وأخرجه من الشأم حتى لا يفسد عليّ الناس.
ومن الأسجاع قول ابن القرّيّة، وقد دعي لكلام فاحتبس القول عليه، فقال: قد طال السّمر، وسقط القمر، واشتدّ المطر فما انتظر. فأجابه فتى من عبد القيس: قد طال الأرق، وسقط الشفق، فلينطق من نطق.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید