المنشورات

هند في ابنها معاوية:

ونظر رجل إلى معاوية وهو غلام صغير، فقال: إني أظن أن هذا الغلام سيسود قومه. فسمعته أمّه هند، فقالت: ثكلته إذا إن لم يسد إلا قومه.
وقال الهيثم بن عديّ: كانوا يقولون: إذا كان الصبي سائل الغرّة «1» ، طويل العزلة «2» ، ملتاث الإزرة «3» ، فذلك الذي لا يشك في سودده.
ودخل ضمرة بن ضمرة على النّعمان بن المنذر، وكان به دمامة شديدة، فالتفت النّعمان إلى أصحابه وقال: تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه. فقال: أيها الملك، إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإن قال قال ببيان، وإن قاتل قاتل بحنان. قال:
صدقت! وبحقّ سوّدك قومك.
وقيل لعرابة الأوسيّ: بم سوّدك قومك؟ قال: بأربع خلال: أنخدع «4» لهم في مالي، وأذلّ لهم في عرضي، ولا أحقر صغيرهم، ولا أحسد كبيرهم.
وفي عرابة الأوسيّ يقول الشماخ بن ضرار:
رأيت عرابة الأوسيّ يسمو ... إلى الخيرات منقطع القرين
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقّاها عرابة باليمين
وقالوا: يسود الرجل بأربعة أشياء: بالعقل، والأدب، والعلم، والمال.
وكان سلم بن نوفل سيد بني كنانة، فوثب رجل على ابنه وابن أخيه فجرحهما، فأتي به. فقال له: ما أمّنك من انتقامي؟ قال: فلم سوّدناك إذا، إلا أن تكظم الغيظ وتحلم عن الجاهل. وتحتمل المكروه. فخلّى سبيله. فقال فيه الشاعر:
يسوّد أقوام وليسوا بسادة ... بل السيّد الصّنديد سلم بن نوفل
وقال ابن الكلبي: قال لي خالد العنبري: ما تعدّون السّودد؟ قلت: أمّا في الجاهلية فالرّياسة، وأما في الإسلام فالولاية، وخير من ذا وذلك التقوى. قال: صدقت. كان أبي يقول: لم يدرك الأوّل الشرف إلا بالعقل، ولم يدرك الآخر إلا بما أدرك به الأول. قلت له: صدق أبوك، وإنما ساد الأحنف ابن قيس بحلمه، ومالك بن مسمع بحبّ العشيرة له، وقتيبة بن مسلم بدهائه؛ وساد المهلّب بهذه الخلال كلها.
الأصمعي قال: قيل لأعرابي يقال له منتجع بن نبهان: ما السّميدع؟ قال: السيد الموطأ الأكناف.
وكان عمر بن الخطاب يفرش له فراش في بيته في وقت خلافته، فلا يجلس عليه أحد إلا العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن حرب.
قال النبي صلّى الله عليه وسلم لأبي سفيان: كل الصّيد في جوف الفرا؛ والفرا: الحمار الوحشي، وهو مهموز، وجمعه فراء. ومعناه أنه في الناس مثل الحمار الوحشي في الوحش.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید