المنشورات

قيس بن زهير وغطفان:

أبو عبيدة معمر بن المثنّى قال: مرّ قيس بن زهير ببلاد غطفان، فرأى ثروة وعددا، فكره ذلك، فقيل له: أيسوءك ما يسرّ الناس؟ قال: إنك لا تدري أنّ مع النعمة والثروة التحاسد والتخاذل، وأن مع القلة التحاشد والتناصر.
قال: وكان يقال: ما أثرى قوم قطّ إلا تحاسدوا وتجادلوا.
وقال بعض الحكماء: ألزم الناس كآبة أربعة: رجل حديد، ورجل حسود، وخليط الأدباء وهو غير أديب، وحكيم محقّر لدى الأقوام.
علي بن بشر المروزي قال: كتب إليّ ابن المبارك هذه الأبيات:
كلّ العداوة قد ترجى إماتتها ... إلا عداوة من عاداك من حسد
فإن في القلب منها عقدة عقدت ... وليس يفتحها راق إلى الأبد «2»
إلّا الإله فإن يرحم تحلّ به ... وإن أباه فلا ترجوه من أحد
سئل بعض الحكماء: أي أعدائك لا تحبّ أن يعود لك صديقا؟ قال: الحاسد الذي لا يرده إلى مودتي إلا زوال نعمتي.
وقال سليمان التّيمي: الحسد يضعف اليقين، ويسهر العين، ويكثر الهمّ.
الأحنف بن قيس، صلى على حارثة بن قدامة السّعدي، فقال: رحمك الله، كنت لا تحسد غنيا، ولا تحقر فقيرا.
وكان يقال: لا يوجد الحر حريصا، ولا الكريم حسودا.
وقال بعض الحكماء: أجهد البلاء أن تظهر الخلّة، وتطول المدة، وتعجزّ الحيلة، ثم لا تعدم صديقا مولّيا، وابن عم شامتا، وجارا حاسدا، ووليا قد تحوّل عدوا، وزوجة مختلعة «1» ، وجارية مستبيعة «2» ، وعبدا يحقرك وولدا ينتهرك؛ فانظر أين موضع جهدك في الهرب.
لرجل من قريش:
حسدوا النّعمة لمّا ظهرت ... فرموها بأباطيل الكلم
وإذا ما الله أسدى نعمة ... لم يضرها قول أعداء النّعم
وقيل: إذا سرّك أن تسلم من الحاسد فعمّ عليه أمرك.
وكانت عائشة رضي الله عنها تتمثّل بهذين البيتين:
إذا ما الدهر جرّ على أناس ... حوادثه أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا
ولبعضهم:
إياك والحسد الذي هو آفة ... فتوقّه وتوقّ غرّة من حسد «3»
إنّ الحسود إذا أراك مودّة ... بالقول فهو لك العدوّ المجتهد











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید