المنشورات

إبليس ونوح:

الليث بن سعد قال: بلغني أن إبليس لقى نوحا صلّى الله عليه وسلم، فقال له إبليس: اتق الحسد والشحّ، فإني حسدت آدم فخرجت من الجنّة، وشحّ آدم على شجرة واحدة منع منها حتى خرج من الجنة.
وقال الحسن: أصول الشر وفروعه ستة: فالأصول الثلاثة: الحسد، والحرص، وحب الدنيا، والفروع كذلك: حب الرياسة، وحب الثناء، وحب الفخر.
وقال الحسن: يحسد أحدهم أخاه حتى يقع في سريرته وما يعرف علانيته، ويلومه على ما لا يعلمه منه، ويتعلم منه في الصداقة ما يعيّره به إذا كانت العداوة؛ والله ما أرى هذا بمسلم.
ابن أبي الدّنيا قال: بلغني عن عمر بن ذرّ أنه قال: اللهم من أرادنا بشر فاكفناه بأيّ حكميك شئت، إما بتوبة وإما براحة.
قال بان عباس: ما حسدت أحدا ما حسدت على هاتين الكلمتين.
وقال ابن عباس: لا تحقرنّ كلمة الحكمة أن تسمعها من الفاجر؛ فإنما مثله كما قال الأوّل: ربّ رمية من غير رام.
وقال بعض الحكماء: ما أمحق «1» للإيمان ولا أهتك للستر من الحسد، وذلك أنّ الحاسد معاند لحكم الله، باغ على عباده، عات على ربه، يعتدّ نعم الله نقما، ومزيده غيرا، وعدل قضائه حيفا، للناس حال وله حال، ليس يهدأ ليله، ولا ينام جشعه، ولا ينفعه عيشه، محتقر لنعم الله عليه، متسخّط ما جرت به أقداره، لا يبرد غليله، ولا تؤمن غوائله «2» ، إن سالمته وترك «3» ، وإن واصلته قطعك، وإن صرمته «4» سبقك.
ذكر حاسد عند بعض الحكماء فقال: يا عجبا لرجل أسلكه الشيطان مهاوي الضلالة، وأورده قحم الهلكة «5» ، فصار لنعم الله تعالى بالمرصاد، إن أنالها من أحبّ وقال حبيب الطائي:
وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف طيب عرف العود «1»
وقال محمد بن مناذر:
يا أيّها العائبي وما بي من ... عيب ألا ترعوي وتزدجر
هل لك عندي وتر فتطلبه ... أم أنت ممّا أتيت معتذر «2»
إن يك قسم الإله فضّلني ... وأنت صلد ما فيك معتصر
فالحمد والشكر والثناء له ... وللحسود التراب والحجر
فما الذي يجتني جليسك أو ... يبدو له منك حين يختبر
اقرأ لنا سورة تذكّرنا ... فإنّ خير المواعظ السّور
أوصف لنا الحكم في فرائضنا ... ما تستحقّ الانثى أو الذّكر
أو ارو فقها تحيا القلوب به ... جاء به عن نبيّنا الأثر
أو من أحاديث جاهليّتنا ... فإنها حكمة ومختبر
أو ارو عن فارس لنا مثلا ... فإنّ أمثالها لنا عبر
فإن تكن قد جهلت ذاك وذا ... ففيك للناظرين معتبر
فغنّ صوتا تشجى القلوب به ... وبعض ما قد أتيت يغتفر «3»










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید