المنشورات

محاسدة الأقارب

كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: مر ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا.
وقال أكثم بن صيفي: تباعدوا في الديار تقاربوا في المودّة.
وقالوا: أزهد الناس في عالم أهله.
فرج بن سلام قال: وقف أمية بن أبي الأسكر على ابن عم له فقال:
نشدتك بالبيت الذي طاف حوله ... رجال بنوه من لؤيّ بن غالب
فإنك قد جرّبتني فوجدتني ... أعينك في الجلّى وأكفيك جانبي «2»
وإن دبّ من قوم إليك عداوة ... عقاربهم دبّت إليهم عقاربي
قال: نعم، كذلك أنت. قال: فما بال مئبرك «3» لا يزال إليّ دسيسا؟ قال: لا أعود! قال: قد رضيت وعفا الله عما سلف.
وقال يحيى بن سعيد: من أراد أن يبين عمله ويظهر علمه، فليجلس في غير مجلس رهطه. 
وقالوا: الأقارب هم العقارب.
وقيل لعطاء بن مصعب: كيف غلبت على البرامكة وكان عندهم من هو آدب منك؟ قال: كنت بعيد الدار منهم، غريب الاسم، عظيم الكبر، صغير الجرم، كثير الالتواء، فقرّبني إليهم تباعدي منهم، ورغّبهم فيّ رغبتي عنهم، وليس للقرباء ظرافة الغرباء.
وقال رجل لخالد بن صفوان: إني أحبك. قال: وما يمنعك من ذلك ولست لك بجار ولا أخ ولا ابن عم؟ يريد أنّ الحسد موكّل بالأدنى فالأدنى.
الشيباني قال: خرج أبو العباس أمير المؤمنين متنزّها بالأنبار، فأمعن في نزهته وانتبذ من أصحابه، فوافى خباء لأعرابي؛ فقال له الأعرابي: ممن الرجل؟ قال: من كنانة. قال: من أيّ كنانة؟ قال: من أبغض كنانة إلى كنانة. قال: فأنت إذا من قريش؟ قال: نعم. قال: فمن أيّ قريش؟ قال: من أبغض قريش إلى قريش. قال:
فأنت إذا من ولد عبد المطلب؟ قال: نعم. قال: فمن أي ولد عبد المطلب أنت؟
قال: من أبغض ولد عبد المطلب إلى ولد عبد المطلب. قال: فأنت إذا أمير المؤمنين! السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فاستحسن ما رأى منه وأمر له بجائزة.
وقال ذو الإصبع العدواني:
لي ابن عم على ما كان من خلق ... محاسد لي أقليه ويقليني «1»
أزرى بنا أنّنا شالت نعامتنا ... فخالني دونه أو خلته دوني «2»
يا عمرو إلا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حتى تقول الهامة اسقوني «3»
ماذا عليّ وإن كنتم ذوي رحمي ... ألّا أحبّكم إن لم تحبوني
لا أسأل الناس عما في ضمائرهم ... ما في ضميري لهم من ذاك يكفيني
وقال آخر:
مهلا بني عمّنا، مهلا موالينا ... لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم ... وأن نكفّ الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنّا لا نحبّكم ... ولا نلومكم إن لم تحبّونا
وقال آخر:
ولقد سبرت الناس ثم خبرتهم ... ووصفت ما وصفوا من الأسباب
فإذا القرابة لا تقرّب قاطعا ... وإذا المودة أقرب الأنساب










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید