المنشورات

السعاية والبغي

قال الله تعالى ذكره: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ
«2» .
وقال عز وجل: ... ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ
«3» .
وقال الشاعر:
فلا سبق إلى أحد ببغي ... فإنّ البغي مصرعه وخيم
وقال العتابي:
بغيت فلم تقع إلّا صريعا ... كذاك البغي يصرع كل باغ
للمأمون يوصي بعض ولده:
وقال المأمون يوما لبعض ولده: إياك أن تصغى لاستماع قول السّعاة، فإنه ما سعى رجل برجل إلا انحط من قدره عندي ما لا يتلافاه أبدا.
ووقّع في رقعة ساع: سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين.
ووقّع في رقعة رجل سعى إليه ببعض عماله: قد سمعنا ما ذكره الله عزّ وجل في كتابه، فانصرف رحمك الله.
فكان إذا ذكر عنده السعاة قال: ما ظنّكم بقوم يلعنهم الله على الصدق.
وسعى رجل إلى بلاد بن أبي بردة، فقال له: انصرف حتى أكشف عما ذكرت. ثم كشف عن ذلك فإذا هو لغير رشدة؛ فقال: أنا أبو عمرو، ما كذبت ولا كذبت.
للنبي صلّى الله عليه وسلم:
حدّثني أبي عن جدي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «الساعي لغير رشدة» «1» .
عبد الملك ورجل سعى إليه:
وسأل رجل عبد الملك الخلوة، فقال لأصحابه: إذا شئتم فقوموا. فلما تهيّأ الرجل للكلام قال له: إياك أن تمدحني؛ فأنا أعلم بنفسي منك، أو تكذبني، فإنه لا رأي لكذوب؛ أو تسعى إليّ بأحد. وإن شئت أقلتك. قال: أقلني.
ودخل رجل على الوليد بن عبد الملك، وهو والي دمشق لأبيه، فقال: للأمير عندي نصيحة. فقال: إن كانت لنا فاذكرها، وإن كانت لغيرنا فلا حاجة لنا فيها.
قال: جار لي عصى وفرّ من بعثه «2» . قال: أما أنت فتخبر أنك جار سوء؛ فإن شئت أرسلنا معك، فإن كنت صادقا أقصيناك، وإن كنت كاذبا عاقبناك، وإن شئت تاركناك، قال: تاركني.
من سير العجم:
وفي سير العجم: أنّ رجلا وشى برجل إلى الإسكندر، فقال: أتحب أن تقبل منه عليك ومنك عليه؟ قال: لا. قال: فكف عن الشرّ يكفّ عنك الشر.
وقال الشاعر:
إذا الواشي بغى يوما صديقا ... فلا تدع الصّديق لقول واش
وقال ذو الرياستين: قبول النميمة شرّ من النميمة؛ لأن النميمة دلالة والقبول إجازة، وليس من دلّ على شيء كمن قبله وأجازه.
ذكر السّعاة عند المأمون فقال: لو لم يكن في عيبهم إلا أنهم أصدق ما يكونون أبغض ما يكونون إلى الله تعالى لكفاهم.
وعاتب مصعب بن الزبير الأحنف في شيء، فأنكره، فقال: أخبرني الثقة. قال:
كلا، إنّ الثقة لا يبلّغ.
وقد جعل الله السامع شريك القائل فقال: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ
«1» .
وقيل: حسبك من شرّ سماعه.
وقال الشاعر:
لعمرك ما سبّ الأمير عدوّه ... ولكنّما سبّ الأمير المبلّغ
وقال آخر:
لا تقبلنّ نميمة بلّغتها ... وتحفّظنّ من الذي أنباكها
لا تنقشنّ برجل غيرك شوكة ... فتقي برجلك رجل من قد شاكها «2»
إنّ الذي أنباك عنه نميمة ... سيدبّ عنك بمثلها قد حاكها
وقال دعبل:
وقد قطع الواشون ما كان بيننا ... ونحن إلى أن يوصل الحبل أحوج
رأوا عورة فاستقبلوها بألبهم ... فلم ينههم حلم ولم يتحرّجوا «3»
وكانوا أناسا كنت آمن غيبهم ... فراحوا على ما لا نحبّ فأدلجوا «4»










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید