المنشورات

الغيبة

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: إذا قلت في الرجل ما فيه فقد اغتبته، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهتّه «1» .
ومرّ محمد بن سيرين بقوم، فقال إليه رجل منهم فقال: أبا بكر، إنا قد نلنا منك فحلّلنا فقال: إني لا أحلّ ما حرّم الله عليك، فأما ما كان إليّ فهو لك.
وكان رقبة بن مصقلة جالسا مع أصحابه، فذكروا رجلا بشيء، فاطلع ذلك الرجل، فقال له بعض أصحابه: ألا أخبره بما قلنا فيه لئلا تكون غيبة؟ قال: أخبره حتى تكون نميمة.
اغتاب رجل رجلا عند قتيبة بن مسلم، فقال له قتيبة: أمسك عليك أيها الرجل، فو الله لقد تلمّظت «2» بمضغة طالما لفظها الكرام.
محمد بن مسلم الطائفي قال: جاء رجل إلى ابن سيرين فقال له: بلغني أنك نلت مني. قال: نفسي أعزّ عليّ من ذلك.
وقال رجل لبكر بن محمد بن عصمة. بلغني أنك تقع فيّ! قال أنت إذا عليّ أكرم من نفسي.
ووقع رجل في طلحة والزبير عند سعد بن أبي وقّاص، فقال له: اسكت، فإنّ الذي بيننا لم يبلغ ديننا.
وعاب رجل رجلا عند بعض الأشراف، فقال له: قد استدللت على كثرة عيوبك بما تكثر من عيوب الناس؛ لأنّ طالب العيوب إنما يطلبها بقدر ما فيه منها ...
أما سمعت قول الشاعر:
لا تهتكن من مساوي النّاس ما ستروا ... فيهتك الله سترا من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ... ولا تعب أحدا منهم بما فيكا
وقال آخر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
إبدأ بنفسك فانهها عن غيّها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
وقال محمد بن السماك: تجنّب القول في أخيك لخلّتين: أمّا واحدة فلعلك تعيبه بشيء هو فيك، وأما الأخرى فإن يكن الله عافاك مما ابتلاه كان شكرك الله فيه على العافية تعييرا لأخيك على البلاء.
وقيل لبعض الحكماء: فلان يعيبك! قال: إنما يقرض الدرهم الوازن.
وقيل لبزرجمهر: هل تعلم أحدا لا عيب فيه؟ قال: إن الذي لا عيب فيه لا يموت.
وقيل لعمرو بن عبيد: لقد وقع فيك أيوب السّختياني حتى رحمناك. قال: إياه فارحموا.
وقال ابن عباس: اذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحب أن يذكرك به، ودع منه ما تحب أن يدع منك.
النبي صلّى الله عليه وسلم وابن الحضرمي:
وقدم العلاء بن الحضرميّ على النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال له: هل تروي من الشعر شيئا؟
قال: نعم. قال: فأنشدني. فأنشده:
تحبّب ذوي الأضغان تسب نفوسهم ... تحبّبك القربى فقد ترقع النّعل
وإن دحسوا بالكره فاعف تكرّما ... وإن غيّبوا عنك الحديث فلا تسل «1»
فإنّ الّذي يؤذيك منه سماعه ... وإن الّذي قالوا وراءك لم يقل
فقال النبي عليه السلام: إن من الشعر لحكمة.
وقال الحسن البصريّ: لا غيبة في ثلاثة: فاسق مجاهر بالفسق، وإمام جائر وصاحب بدعة لم يدع بدعته.
وكتب الكسائيّ إلى الرقاشيّ:
تركت المسجد الجام ... ع والتّرك له ريبه
فلا نافلة تقضي ... ولا تقضي لمكتوبه
وأخبارك تأتينا ... على الأعلام منصوبه
فإن زدت من الغيب ... ة زدناك من الغيبه










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید