المنشورات

مداراة أهل الشر

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «شرّ الناس من اتّقاه الناس لشرّه» .
وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا لقيت اللئيم فخالفه، وإذا لقيت الكريم فخالطه» .
وقال أبو الدّرداء: إنا لنكشر «1» في وجوه قوم وإن قلوبنا لتلعنهم.
وسئل شبيب بن شيبة عن خالد بن صفوان، فقال: ليس له صديق في السرّ ولا عدو في العلانية.
وقال الأحنف. ربّ رجل لا تغيب فوائده وإن غاب، وآخر لا يسلم منه جليسه وإن احترس.
وقال كثير بن هراسة: إن من الناس ناسا ينقصونك إذا زدتهم، وتهون عندهم إذا خاصصتهم، ليس لرضاهم موضع تعرفه، ولا لسخطهم موضع تحذره. فإذا عرفت أولئك بأعيانهم فابذل لهم موضع المودّة، واحرمهم موضع الخاصة، يكن ما بذلت لهم من المودّة حائلا دون شرّهم، وما حرمتهم من الخاصة قاطعا لحرمتهم.
وأنشد العتبي:
لي صديق يرى حقوقي عليه ... نافلات وحقّه الدّهر فرضا «2»
لو قطعت البلاد طولا إليه ... ثمّ من بعد طولها سرت عرضا
لرأى ما فعلت غير كثير ... واشتهى أن يزيد في الأرض أرضا
وفي هذه الطبقة من الناس يقول دعبل الخزاعي:
اسقهم السّمّ إن ظفرت بهم ... وامزج لهم من لسانك العسلا
كتب سهل بن هارون إلى موسى بن عمران في أبي الهذيل العلاف.
إنّ الضمير إذا سألتك حاجة ... لأبي الهذيل خلاف ما أبدي
فألن له كنفا ليحسن ظنه ... في غير منفعة ولا رفد
حتّى إذا طالت شقاوة جدّه ... وعناؤه فاجبهه بالرّدّ
وقال صالح بن عبد القدوس:
تجنب صديق السّوء واصرم حباله ... وإن لم تجد عنه محيصا فداره «1»
ومن يطلب المعروف من غير أهله ... يجده وراء البحر أو في قراره
ولله في عرض السّموات جنّة ... ولكنّها محفوفة بالمكاره
وقال آخر:
بلاء ليس يشبهه بلاء ... عداوة غير ذي حسب ودين
يبيحك منه عرضا لم يصنه ... ليرتع منك في عرض مصون
عرض على أبي مسلم صاحب الدعوة فرس جواد، فقال لقوّاده: لماذا يصلح مثل هذا الفرس؟ قالوا: إنا نغزو عليه العدو. قال: لا، ولكن يركبه الرجل فيهرب عليه من جار السّوء.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید