المنشورات

تقديم القرابة وتفضيل المعارف

قال الشّيباني: أول من آثر القرابة والأولياء عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وقال: كان عمر يمنع أقاربه ابتغاء وجه الله. ولا يرى أفضل من عمر.
وقال لما آوى طريد النبي صلّى الله عليه وسلم: ما نقم الناس على أن وصل رحما وقرّب عمّا.
وقيل لمعاوية بن أبي سفيان: إن آذنك يقدّم معارفه وأصدقاءه في الإذن على أشراف الناس ووجوههم. فقال ويلكم، إن المعرفة لتنفع في الكلب العقور والجمل الصّئول «1» ؛ فكيف في رجل حسيب ذي كرم ودين.
وقال رجل لزياد: أصلح الله الأمير، إن هذا يدلّ «2» بمكانة يدّعيها منك. قال:
نعم، وأخبرك ما ينفعه من ذلك، إن كان الحقّ له عليك أخذتك به أخذا شديدا، وإن كان عليه قضيته عنه.
وقال الشاعر:
أقول لجاري إذا أتاني مخاصما ... يدلّ بحقّ أو يدلّ بباطل
إذا لم يصل خيري وأنت مجاوري ... إليك فما شرّي إليك بواصل
لعبد الله القسري حين ولي قضاء البصرة:
العتبي قال: ولي عبد الله بن خالد بن عبد الله القسري قضاء البصرة، فكان يحابي أهل مودّته، فقيل له: أيّ رجل أنت لولا أنك تحابي. قال: وما خير الصديق إذا لم يقطع لصديقه قطعة من دينه.
وولي ابن شبرمة قضاء البصرة وهو كاره، فأحسن السيرة، فلما عزل اجتمع إليه أهل خاصته ومودته، فقال لهم: والله لقد وليت هذه الولاية وأنا كاره، وعزلت عنها وأنا كاره، وما بي في ذلك إلا مخافة أن يلي هذه الوجوه من لا يعرف حقها. ثم تمثّل بقول الشاعر:
فما السّجن أبكاني ولا القيد شفّني ... ولا أنني من خشية الموت أجزع «1»
بلى إنّ أقواما أخاف عليهم ... إذا متّ أن يعطو الذي كنت أمنع
وتقول العامة: محبة السلطان أردّ عليك من شهودك.
وقال الشاعر:
إذا كان الأمير عليك خصما ... فليس بقابل منك الشّهودا
وقال زياد: أحبّ الولاية لثلاث، وأكرهها لثلاث: أحبّها لنفع الأولياء، وضرّ الأعداء، واسترخاص الأشياء. وأكرهها لروعة البريد، وخوف العزل، وشماتة العدو.
ويقول الحكماء: أحقّ من شاركك في النعمة شركاؤك في المصيبة.
أخذه الشاعر فقال:
وإنّ أولى الموالي أن تواسيه ... عند السّرور لمن واساك في الحزن
إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
وقال حبيب:
قبح الإله عداوة لا تتّقى ... ومودّة يدلى بها لا تنفع













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید