المنشورات
الربيع بن زياد وعلي في عاصم:
العتبي قال: أصابت الربيع بن زياد نشّابة «2» في جبينه، فكانت تنتقض عليه كل عام. فأتاه عليّ بن أبي طالب عائدا، فقال: كيف تجدك يا أبا عبد الرحمن؟ قال:
أجدني لو كان لا يذهب ما بي إلا بذهاب بصري لتمنيت ذهابه. قال: وما قيمة بصرك عندك؟ قال: لو كانت لي الدنيا فديته بها. قال: لا جرم، يعطيك الله على قدر الدنيا، لو كانت لك لأنفقتها في سبيل الله. إن الله يعطي على قدر الألم والمصيبة، وعنده بعد تضعيف كثير.
وقال له الربيع: يا أمير المؤمنين، إني لأشكو إليك عاصم بن زياد. قال: وماله؟
قال: لبس العباء، وترك الملاء، وغمّ أهله، وأحزن ولده. قال: عليّ عاصما. فلما أتاه، عبس في وجهه، وقال: ويلك يا عاصم! أترى الله أباح لك اللذات وهو يكره منك أخذك منها؟ أنت أهون على الله من ذلك. أو ما سمعته يقول: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ
«1» حتى قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ
«2» . وتالله لا بتذال نعم الله بالفعال أحبّ إليّ من ابتذالها بالمقال، وقد سمعته يقول: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
«3» وقوله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ
«4» .
قال عاصم: فعلام اقتصرت أنت يا أمير المؤمنين على لبس الخشن وأكل الحشف «5» ؟
قال: إن الله افترض على أئمة العدل أن يقدّروا أنفسهم بالعوام، لئلا يشنع «6» بالفقير فقره.
قال: فما خرج حتى لبس الملاء وترك العباء.
مصادر و المراجع :
١- العقد الفريد
المؤلف: أبو عمر،
شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد
ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)
الناشر: دار
الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى،
1404 هـ
7 مايو 2024
تعليقات (0)