المنشورات

أصناف الإخوان

قال العتابي: الإخوان ثلاثة أصناف: فرع بائن من أصله، وأصل متّصل بفرعه، وفرع لبس له أصل. فأما الفرع البائن من أصله، فإخاء بني على مودّة ثم انقطعت فحفظ على ذمام الصّحبة. وأما الأصل المتصل بفرعه، فإخاء أصله الكرم وأغصانه التقوى. وأما الفرع الذي لا أصل له، فالموّه الظاهر الذي ليس له باطن.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «الصاحب رقعة في قميصك فانظر بم ترقعه» .
وقالوا: من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقا، ولعدوّه عدوّا.
وفد دحية الكلبي على عليّ رضي الله عنه، فما زال يذكر معاوية ويطريه في مجلسه؛ فقال عليّ عليه السلام:
صديق عدوّي داخل في عداوتي ... وإنّي لمن ودّ الصديق ودود
فلا تقربن منّي وأنت صديقه ... فإنّ الّذي بين القلوب بعيد
وفي هذا المعنى قول العتّابي:
تودّ عدوّي ثم تزعم أنّني ... صديقك إنّ الرأي عنك لعازب
وليس أخي من ودّني رأي عينه ... ولكن أخي من ودّني وهو غائب
وقال آخر:
ليس الصديق الذي إن زلّ صاحبه ... يوما رأى الذنب منه غير مغفور
وإن أضاع له حقّا فعاتبه ... فيه أتاه بتزويق المعاذير
إنّ الصديق الذي ألقاه يعذر لي ... ما ليس صاحبه فيه بمعذور
وقال آخر:
كم من أخ لك لم يلده أبوكا ... وأخ أبوه أبوك قد يجفوكا
صاف الكرام إذا أردت إخاءهم ... واعلم بأنّ أخا الحفاظ أخوكا
والناس ما استغنيت كنت أخاهم ... وإذا افتقرت إليهم رفضوكا
وقال بعضهم:
أخوك الذي إن قمت بالسيف عامدا ... لتضربه لم يستغشّك في الودّ
ولو جئت تبغي كفّه لتبينها ... لبادر إشفاقا عليك من الردّ
يرى أنه في الودّ كان مقصّرا ... على أنّه قد زاد فيه على الجهد
وقال آخر:
إن كنت متّخذا خليلا ... فتنقّ وانتقد الخليلا «1»
من لم يكن لك منصفا ... في الودّ فابغ به بديلا
ولقلّما تلقى الليئم عليك إلّا مستطيلا «1» وللعطويّ:
صن الودّ إلّا عن الأكرمين ... ومن بمؤاخاته تشرف
ولا تغترر من ذوي خلّة ... بما موّهوا لك أو زخرفوا
فكم من أخ ظاهر ودّه ... ضمير مودّته أجيف «2»
إذا أنت عاتبته في الإخا ... ء تنكر منه الذي تعرف
وكتب العباس بن جرير إلى الحسن بن مخلد:
إرع الإخاء أبا محمّد للذي يصفو وصنه
وإذا رأيت منافسا ... في نيل مكرمة فكنه
إن الصّديق هو الذي ... يرعاك حيث تغيب عنه
فإذا كشفت إخاءه ... أحمدت ما كشّفت عنه
مثل الحسام إذا انتضا ... هـ أخو الحفيظة لم يخنه «3»
يسعى لما تسعى له ... كرما وإن لم تستعنه
ولآخر:
خير إخوانك المشارك في المر وأين الشريك في المرّ أينا الذي إن شهدت زادك في السرّ وإن غبت كان أذنا وعينا ولآخر:
ومن البلاء أخ جنايته ... علق بنا ولغيرنا سلبه «4»
وقال آخر:
إذا رأيت انحرافا من أخي ثقة ... ضاقت عليّ برحب الأرض أوطاني
فإن صددت بوجهي كي أكافئه ... فالعين غضبى وقلبي غير غضبان
وكتب بعضهم إلى محمد بن بشار:
من لم يردك فلا ترد ... هـ وكن كمن لم تستفده
باعد أخاك لبعده ... وإذا دنا شبرا فزده
كم من أخ لك يا بن بشّار وأمّك لم تلده
وأخي مناسبة يسو ... ءك عيبه لم تفتقده
فأجابه محمد بن بشار:
غلط الفتى في قوله ... من لم يردك فلا ترده
من نافس الإخوان لم ... يبد العتاب ولم يعده
عاتب أخاك إذا هفا ... واعطف بودّك واستعده «1»
وإذا أتاك بعيبه ... واش فقل لم تعتمده










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید