المنشورات

خطبة ابن الزبير في الخوارج:

فلما كان العشي راحوا إليه، فخرج إليهم وقد لبس سلاحه، فلما رأى ذلك نجدة «4» ، قال: هذا خروج منابذ «5» لكم. فجلس على رفع من الأرض فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيّه، ثم ذكر أبا بكر وعمر أحسن ذكر، ثم ذكر عثمان في السنين الأوائل من خلافته؛ ثم وصلهن بالسّنين التي أنكروا سيرته فيها فجعلها كالماضية، وأخبر أنه آوى الحكم بن أبي العاصي بإذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وذكر الحمى وما كان فيه من الصلاح، وأنّ القوم استعتبوه من أمور ما كان له أن يفعلها أولا مصيبا ثم أعتبهم بعد ذلك محسنا. وأن أهل مصر لما أتوه بكتاب ذكروا أنه منه بعد أن ضمن لهم العتبى ثم كتب ذلك الكتاب بقتلهم. فدفعوا الكتاب إليه، فحلف بالله أنه لم يكتبه ولم يأمر به؛ وقد أمر الله عزّ وجلّ بقبول اليمين ممن ليس له مثل سابقته، مع ما اجتمع له من صهر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومكانه من الإمامة، وأن بيعة الرضوان تحت الشجرة إنما كانت بسببه، وعثمان الرجل الذي لزمته يمين لو حلف عليها حلف على حق، فافتداها بمائة ألف ولم يحلف، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من حلف بالله فليصدق، ومن حلف بالله فليقبل. وعثمان أمير المؤمنين كصاحبيه. وأنا وليّ وليّه وعدوّ عدوّه، وأبي وصاحبه صاحبا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورسول الله يقول عن الله عز وجل أحد لما قطعت أصبع طلحة: سبقته إلى الجنة. وقال: أوجب طلحة. وكان الصّديق إذا ذكر يوم أحد قال: ذلك يوم كله أو جلّه لطلحة. والزبير حواريّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصفوته، وقد ذكر أنه في الجنة. وقال عز وجل: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
«1» . وما أخبرنا بعد أنه سخط عليهم؛ فإن يكن ما صنعوا حقّا فأهل ذلك هم، وإن يكن زلّة ففي عفو الله تمحيصها «2» ، وفيما وفّقهم له من السابقة مع نبيهم صلّى الله عليه وسلم، ومهما ذكرتموهما به فقد بدأتكم بأمّكم عائشة، فإن أبى آب أن تكون له أمّا، نبذ اسم الإيمان عنه؛ وقد قال جلّ ذكره: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ
«3» . فنظر بعضهم إلى بعض ثم انصرفوا عنه.









مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید