المنشورات

المغيرة بن سعد والأعمش

ومن الروافض المغيرة بن سعد مولى بجيلة، قال الأعمش: دخلت على المغيرة بن سعد فسألته عن فضائل علي، فقال: إنك لا تحتملها! قلت: بلى. فذكر آدم صلوات الله عليه، فقال: عليّ خير منه! ثم ذكر من دونه من الأنبياء، فقال: عليّ خير منهم!
حتى انتهى إلى محمد صلّى الله عليه وسلم، فقال: عليّ مثله. فقلت: كذبت عليك لعنة الله. قال: قد أعلمتك أنك لا تحتملها.
ومن الروافض من يزعم أن عليّا رضي الله عنه في السحاب، فإذا أظلّت عليهم سحابة قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن! وقد ذكرهم الشاعر فقال:
برئت من الخوارج لست منهم ... من الغزّال منهم وابن باب «1»
ومن قوم إذا ذكروا عليّا ... يردّون السلام على السحاب
ولكنّي أحبّ بكلّ قلبي ... وأعلم أنّ ذاك من الصواب
... رسول الله والصّدّيق حقّا ... به أرجو غدا حسن الثواب
وهؤلاء من الرافضة يقال لهم المنصورية، وهم أصحاب أبي منصور الكسف وإنما سمى الكسف لأنه كان يتأوّل في قول الله عز وجل: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ
«2» فالكسف عليّ، وهو السحاب.
وكان المغيرة بن سعد من السبئية الذين أحرقهم عليّ رضي الله تعالى عنه بالنار، وكان يقول: لو شاء عليّ لأحيى عادا وثمودا وقرونا بعد ذلك كثيرا، وخرج لخالد ابن عبد الله، فقتله خالد وصلبه بواسط عند قنطرة العاشر.
ومن الروافض كثّير عزّة الشاعر، ولما حضرته الوفاة، دعا ابنة أخ له فقال: يابنة أخي، إن عمك كان يحب هذا الرجل فأحبّيه- يعني عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه- فقالت: نصيحتك يا عمّ مردودة عليك، أحبه والله خلاف الحبّ الذي أحببته أنت. فقال لها: برئت منك. وأنشد يقول:
برئت إلى الإله من ابن أروى ... ومن قول الخوارج أجمعينا
ومن عمر برئت ومن عتيق ... غداة دعي أمير المؤمنينا
ابن أروى: عثمان.
والروافض كلها تؤمن بالرّجعة، وتقول: لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدي وهو محمد بن علي، فيملؤها عدلا كما ملئت جورا، ويحيى لهم موتاهم فيرجعون إلى الدنيا، ويكون الناس أمة واحدة، وفي ذلك يقول الشاعر:
ألا إنّ الأئمة من قريش ... ولاة العدل أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبرّ ... وسبط غيّبته كربلاء
أراد بالأسباط الثلاثة: الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية، وهو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان.
ومن الروافض السيد الحميري، وكان يلقى له وسائد في مجلس الكوفة يجلس عليها، وكان يؤمن بالرّجعة، وفي ذلك يقول:
إذا ما المرء شاب له قذال ... وعلّله المواشط بالخضاب «1»
فقد ذهبت بشاشته وأودى ... فقم بأبيك وابك على الشباب
فليس بعائد ما فات منه ... إلى أحد إلى يوم المآب
إلى يوم يؤوب الناس فيه ... إلى دنياهم قبل الحساب
أدين بأن ذاك كذاك حقا ... وما أنا في النّشور بذي ارتياب
لأنّ الله خبّر عن رجال ... حيوا من بعد دس في التراب
وقال يرثي أخاه:
يا بن أمي فدتك نفسي ومالي ... كنت ركني ومفزعي وجمالي
ولعمري لئن تركتك ميتا ... رهن رمس ضنك عليك مهال «2»
لو شيكا ألقاك حيّا صحيحا ... سامعا مبصرا على خير حال
قد بعثتم من القبور فأبتم ... بعد ما رمّت العظام البوالي «3»
أو كسبعين وافدا مع موسى ... عاينوا هائلا من الأهوال
حين راموا من خبثهم رؤية الله ... وأنّى برؤية المتعالي
فرماهم بصعقة أحرقتهم ... ثم أحياهم شديد المحال «1»












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید