المنشورات

الحياء

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: الحياء خير كله. الحياء شعبة من الإيمان. وقال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى يحب الحيي الحليم المتعفف، ويكره البذيء السّئّال الملحف «2» .
وقال عون بن عبد الله: الحياء والحلم والصمت من الإيمان.
وقال ابن عمر: الحياء والإيمان مقرونان جميعا. فإذا رفع أحدهما ارتفع الآخر معه.
وقال: مكتوب في التوراة: إذا لم تستح فاصنع ما تشاء. وقال: أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيا منه.
وذكر أعرابي رجلا حيّا فقال: لا تراه الدهر إلا كأنه لا غني به عنك، وإن كنت إليه أحوج، وإن أذنبت غفر وكأنه المذنب، وإن أسأت إليه أحسن وكأنه المسيء.
لليلى الأخيلية:
فتى هو أحيا من فتاة حييّة ... وأشجع من ليث بخفّان خادر «1»
ولابن قيس أيضا:
تخالهم للحلم صمّا عن الخنا ... وخرسا عن الفحشاء عند التهاجر
ومرضى إذا لوقوا حياء وعفّة ... وعند الحفاظ كالّليوث الخوادر «2»
وقال الشعبي: تعاشر الناس فيما بينهم زمانا بالدين والتقوى، ثم رفع ذلك فتعاشروا بالحياء والتذمّم، ثم رفع ذلك، فما يتعاشر الناس إلا بالرغبة والرهبة.
وسيجيء ما هو شرّ من ذلك.
وقيل: الحياء يزيد في النّبل.
ولبعضهم:
فلا وأبيك ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
وقال آخر:
إذا رزق الفتى وجها وقاحا ... تقلّب في الأمور كما يشاء «3»
ولم يك للدواء ولا لشيء ... تعالجه به فيه غناء
وربّ قبيحة ما حال بيني ... وبين ركوبها إلّا الحياء
وقال عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه: قرنت الهيبة بالخيبة، والحياء بالحرمان.
وقد قيل:
ارفع حياءك فيما جئت طالبه ... إنّ الحياء مع الحرمان مقرون
وفي المثل: كثرة الحياء من التخنّث «1» .
قال الحسن: من استتر بالحياء لبس الجهل سرباله، فقطّعوا سرابيل الحياء، فإنه من رقّ وجهه رق علمه.
وصف رجل الحياء عند الأحنف فقال: إنّ الحياء ليتم لمقدار من المقادير، فما زاد على ذلك فسمه بما أحببت.
وقال بعضهم:
إنّ الحياء مع الحرمان مقترن ... كذاك قال أمير المؤمنين علي
واعلم بأن من التخنيث أكثره ... فارفعه في طلب الحاجات والأمل
وللشمّاخ:
أجامل أقواما حياء وقد أرى ... صدورهم باد عليّ مراضها
ولابن أبي حازم:
وإني ليثنيني عن الجهل والخنا ... وعن شتم ذي القربي خلائق أربع:
حياء، وإسلام، وتقوى، وأنّني ... كريم ومثلي قد يضر وينفع
وقال آخر:
إذا حرم المرء الحياء فإنّه ... بكل قبيح كان منه جدير
له قحة في كلّ أمر وسرّه ... مباح وجدواه جفا وغرور «2»
يرى الشّتم مدحا والدناءة رفعة ... وللسمع منه في العظات نفور
فرجّ الفتى ما دام حيّا فإنّه ... إلى خير حالات المنيب يصير










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید