المنشورات

الأدب في المجالسة

للنبي صلى الله عليه وسلم:
ومن حديث أبي بكر بن أبي شيبة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقم الرجل للرجل عن مجلسه ولكن ليوسّع له.
وكان عبد الله بن عمر إذا قام له الرجل عن مجلسه لم يجلس فيه. وقال: لا يقم أحد عن مجلسه؛ ولكن افسحوا يفسح الله لكم.
أبو أمامة قال: خرج إلينا النبي صلّى الله عليه وسلم فقمنا إليه؛ فقال: لا تقوموا كما يقوم العجم لعظمائها. فما قام إليه أحد منا بعد ذلك.
ومن حديث ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: إن خرجت عليكم وأنتم جلوس فلا يقومنّ أحد منكم في وجهي؛ وإن قمت فكما أنتم، وإن جلست فكما أنتم. فإن ذلك خلق من أخلاق المشركين.
وقال صلّى الله عليه وسلم: الرجل أحق بصدر دابّته وصدر مجلسه وصدر فراشه. ومن قام عن مجلسه ورجع إليه فهو أحق به.
وقال صلّى الله عليه وسلم: إذا جلس إليك أحد فلا تقم حتى تستأذنه.
وجلس رجل إلى الحسن بن عليّ- عليهما الرضوان- فقال له: إنك جلست إلينا ونحن نريد القيام، أفتأذن؟
وقال سعيد بن العاص: ما مددت رجلي قطّ بين يدي جليس، ولا قمت عن مجلسي حتى يقوم.
وقال إبراهيم النّخعي: إذا دخل أحدكم بيتا فليجلس حيث أجلسه أهله.
وطرح أبو قلابة لرجل جلس إليه وسادة فردّها، فقال: أما سمعت الحديث: لا تردّ على أخيك كرامته.
وقال على بن أبي طالب رضوان الله عليه: لا يأبى الكرامة إلا حمار.
وقال سعيد بن العاص: لجليسي عليّ ثلاث: إذا دنا رحّبت به، وإذا جلس وسّعت له، وإذا حدّث أقبلت عليه.
وقال: إني لأكره أن يمر الذباب بجليسي مخافة أن يؤذيه.
معاوية والأحنف:
الهيثم بن عدي عن عامر الشعبي قال: دخل الأحنف بن قيس على معاوية؛ فأشار إليه إلى وسادة، فلم يجلس عليها؛ فقال له: ما منعك يا أحنف أن تجلس على الوسادة؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن فيما أوصى به قيس بن عاصم ولده أن قال: لا تسع للسلطان حتى يملّك ولا تقطعه حتى ينساك، ولا تجلس له على فراش ولا وسادة، واجعل بينك وبينه مجلس رجل أو رجلين.
وقال الحسن: مجالسة الرجل من غير أن يسأل عن اسمه واسم أبيه، مجالسة النوكي.
ولذلك قال شبيب بن شيبة لأبي جعفر، ولقيه في الطواف وهو لا يعرفه، فأعجبه حسن هيئته وسمته: أصلحك الله، إني أحب المعرفة، وأجلّك عن المسألة. فقال: أنا فلان بن فلان.
قال زياد: ما أتيت مجلسا قط إلا تركت منه ما لو جلست فيه لكان لي، وترك ما لي أحبّ إليّ من أخذ ما ليس لي.
وقال: إياك وصدور المجالس وإن صدّرك صاحبها؛ فإنها مجالس قلعة «1» .
وقال الشعبي: لأن أدعى من بعد إلى قرب أحبّ إليّ من أن أقصى من قرب إلى بعد.
ابن طاهر وابو السمراء:
وذكروا أنه كان يوما أبو السّمراء عند عبد الله بن طاهر، وعنده إسحاق بن إبراهيم، فاستدنى عبد الله إسحاق فناجاه بشيء، وطالت النجوى بينهما ... قال:
فاعترتني حيرة فيما بين القعود على ما هما عليه والقيام، حتى انقطع ما بينهما وتنحى إسحاق إلى موقفه، ونظر عبد الله إليّ. فقال: يا أبا السمراء:
إذا النجيّان سرّا عنك أمرهما ... فانزح بسمعك تجهل ما يقولان «2»
ولا تحمّلهما ثقلا لخوفهما ... على تناجيهما بالمجلس الدّاني
فما رأيت أكرم منه ولا أرفق أدبا، ترك مطالبتي في هفوتي بحق الأمراء، وأدّبني أدب النظراء.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: إنما أحدكم مرآة أخيه، فإذا رأى عليه أذى فليمطه «3» عنه، وإذا أخذ أحدكم عن أخيه شيئا فليقل: لا بك السوء، وصرف الله عنك السوء.
وقالوا: إذا اجتمعت حرمتان أسقطت الصغرى الكبرى.
وقال المهلب بن أبي صفرة: العيش كله في الجليس الممتع.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید