المنشورات

فضل المال

قال الله تعالى الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا
» .
وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم للمجاشعي: «إن كان لك مال فلك حسب، وإن كان لك خلق فلك مروءة، وإن كان لك دين فلك كرم» .
وقال عمر بن الخطاب: حسب الرجل ماله، وكرمه دينه، ومروءته خلقه.
وفي كتاب الأدب للجاحظ: اعلم أن تثمير المال آلة للمكارم، وعون على الدّين، وتأليف للإخوان؛ وأن من فقد المال قلّت الرغبة إليه والرهبة منه، ومن لم يكن بموضع رغبة ولا رهبة استهان الناس به؛ فاجهد جهدك كله في أن تكون القلوب معلّقة منك برغبة أو رهبة في دين أو دنيا.
وقال حكيم لابنه: يا بنيّ، عليك بطلب المال؛ فلو لم يكن فيه إلا أنه عزّ في قلبك وذل في قلب عدوّك لكفى.
وقال عبد الله بن عبّاس: الدنيا العافية. والشباب الصحة، والمروءة الصبر، والكرم التقوى، والحسب المال.
وكان سعد بن عبادة يقول: اللهم ارزقني جدا ومجدا، فإنه لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال.
وقالت الحكماء: لا خير فيمن لا يجمع المال يصون به عرضه، ويحمي به مروءته، ويصل به رحمه.
وقال عبد الرحمن بن عوف: يا حبذا المال أصون به عرضي وأتقرّب به إلى ربي.
وقال سفيان الثوري: المال سلاح المؤمن في هذا الزمان.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «نعم العون على طاعة الله الغنى. ونعم السّلّم إلى طاعة الله الغنى» .
وتلا وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ
«1» وقوله اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ
«2» .
وقال خالد بن صفوان لابنه: يا بني، أوصيك باثنين لن تزال بخير ما تمسكت بهما: درهمك لمعاشك، ودينك لمعادك.
وقال عروة بن الورد:
ذريني للغنى أسعى فإنّي ... رأيت الناس شرّهم الفقير
وأحقرهم وأهونهم عليهم ... وإن أمسى له كرم وخير «3»
يباعده القريب وتزدريه ... حليلته وينهره الصغير
وتلقى ذا الغنى وله جلال ... يكاد فؤاد صاحبه يطير
قليل ذنبه والذنب جمّ ... ولكن للغني ربّ غفور
لبعض الشعراء:
وقال آخر:
سأكسب مالا أو أموت ببلدة ... يقلّ بها قطر الدّموع على قبري
وقال آخر:
سأعمل نصّ العيس حتى يكفّني ... غنى المال يوما أو غنى الحدثان «4»
فللموت خير من حياة يرى لها ... على المرء بالإقلال وسم هوان «5»
إذا قال لم يسمع لحسن مقاله ... وإن لم يقل قالوا عديم بيان
كأنّ الغنى في أهله بورك الغنى ... بغير لسان ناطق بلسان
الرياشي قال: أنشدنا أبو بكر بن عيّاش:
حيران يعلم أن المال ساق له ... ما لم يسقه له دين ولا خلق
لولا ثلاثون ألفا سقتها بدرا ... إلى ثلاثين ألفا ضاقت الطّرق «1»
فمن يكن عن كرام الناس يسألني ... فأكرم الناس من كانت له ورق
وقال آخر:
أجلّك قوم حين صرت إلى الغنى ... وكلّ غنى في العيون جليل
ولو كنت ذا فقر ولم تؤت ثروة ... ذللت لديهم والفقير ذليل
وقال محمود الورّاق:
أرى كلّ ذي مال يبرّ لماله ... وإن كان لا أصل هناك ولا فضل
فشرّف ذوي الأموال حيث لقيتهم ... فقولهم قول وفعلهم فعل
وأنشد أبو محلّم لرجل من ولد طلبة بن قيس بن عاصم:
وكنت إذا خاصمت خصما كببته ... على الوجه حتى خاصمتني الدراهم
فلما تنازعنا الخصومة غلّبت ... عليّ وقالوا قم فإنّك ظالم
وأنشدني الرياشي:
لم يبق من طلب الغنى ... إلّا التعرّض للحتوف «2»
فلأقذفنّ بمهجتي ... بين الأسنّة والسّيوف
ولأطلبنّ ولو رأيت الموت يلمع في الصّفوف وكان لأحيحة بن الجلاح بالزّوراء ثلاثمائة ناضح «3» .. فدخل بستانا له، فمرّ بتمرة فلقطها فعوتب في ذلك، فقال: تمرة إلى تمرة تمرات، وجمل إلى جمل ذود «1» .
ثم أنشأ يقول:
إنّي مقيم على الزّوراء أعمرها ... إنّ الكريم على الإخوان ذو المال
فلا يغرّنك ذو قربى وذو نسب ... من ابن عم ومن عم ومن خال
كلّ النداء إذا ناديت يخذلني ... إلّا ندائي إذا ناديت يا مالي
لابن عبد ربه:
ومن قولنا في هذا المعنى:
دعني أصن حرّ وجهي عن إذالته ... وإن تغرّبت عن أهلي وعن ولدي «2»
قالوا نأيت عن الإخوان قلت لهم ... ما لي أخ غير ما تطوى عليه يدي
كان الرماحس بن حفصة بن قيس وابن عم له يدعى ربيعة بن الورد يسكنان الأردن. وكان ربيعة بن الورد موسرا، والرّماحس معسرا كثيرا ما يشكو إليه الحاجة، ويعطف عليه ربيعة بعض العطف، فلما أكثر عليه كتب إليه:
إذا المرء لم يطلب معاشا لنفسه ... شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا
وصار على الأدنين كلّا وأوشكت ... صلات ذوي القربى له أن تنكرا «3»
فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا
فما طالب الحاجات من حيث تبتغى ... من المال إلّا من أجدّ وشمّرا «4»
ولا ترض من عيش بدون ولا تنم ... وكيف ينام الليل من كان معسرا
وقال بعض الحكماء: المال يوقّر الدّنيّ، والفقر يذل السّني. وأنشد:
أرى ذا الغنى في الناس يسعون حوله ... فإن قال قولا تابعوه وصدّقوا
فذلك دأب الناس ما كان ذا غنى ... فإن زال عنه المال يوما تفرّقوا
وأنشد:
ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها ... فحيثما انقلبت يوما به انقلبوا
يعظّمون أخا الدنيا فإن وثبت ... يوما عليه بما لا يشتهي وثبوا













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید