المنشورات

السؤال

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم أحبله فيحتطب بها على ظهره أهون عليه من أن يأتي رجلا أعطاه الله من فضله فيسأله. أعطاه أو منعه» .
وقالوا: من فتح على نفسه بابا من السؤال، فتح الله عليه سبعين بابا من الفقر.
وقال أكثم بن صيفي: كل سؤال وإن قل أكثر من كل نوال وإن جلّ.
ورأى علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه رجلا يسأل بعرفات فقنّعه بالسوط، وقال: ويلك! في مثل هذا اليوم تسأل أحدا غير الله.
وقال عبد الله بن عباس: المساكين لا يعودون مريضا، ولا يشهدون جنازة، ولا يحضرون جمعة، وإذا اجتمع الناس في أعيادهم ومساجدهم يسألون الله من فضله، اجتمعوا يسألون الناس ما في أيديهم.
وقال النعمان بن المنذر: من سأل فوق حقه استحق الحرمان، ومن ألحف في مسألته استحق المطل. والرفق يمن، والخرق شؤم، وخير السخاء ما وافق الحاجة، وخير العفو مع القدرة.
وقال شريح: من سأل حاجة فقد عرّض نفسه على الرق، فإن قضاها المسئول منه استعبده بها، وإن ردّه عنها رجع كلاهما ذليلا، هذا بذلّ البخل، وذاك بذلّ الردّ.
وقال حبيب:
ذل السؤال شجى في الحلق معترض ... من دونه شرق من خلفه جرض «1»
ما ماء كفّك إن جادت وإن بخلت ... من ماء وجهي إن أفتيته عوض
الخشني قال: قال أبو غسّان: أخبرني أبو زيد قال: سأل سائل بمسجد الكوفة وقت الظهر فلم يعط شيئا، فقال: اللهم إنك بحاجتي عالم لا تعلّم، أنت الذي لا يعوزك نائل، ولا يحفيك سائل «2» ، ولا يبلغ مدحك قائل؛ أسألك صبرا جميلا، وفرجا قريبا، وبصرا بالهدى، وقوة فيما تحب وترضى. فتبادروا إليه يعطونه. فقال:
والله لا رزأتكم»
الليلة شيئا وقد رفعت حاجتي إلى الله. ثم خرج وهو يقول:
ما نال باذل وجهه بسؤاله ... عوضا ولو نال الغنى بسؤال
وإذا النّوال مع السؤال وزنته ... رجح السؤال وشال كلّ نوال «4»
وقال مسلم بن الوليد:
سل الناس إني سائل الله وحده ... وصائن عرضي عن فلان وعن فلا
وقال عبيد بن الأبرص:
من سأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب
وقال ابن أبي حازم:
لطيّ يوم وليلتين ... ولبس ثوبين باليين «5»
أهون من منّة لقوم ... أغضّ منها جفون عيني
إني وإن كنت ذا عيال ... قليل مال كثير دين
لأحمد الله حين صارت ... حوائجي بينه وبيني
ومن قولنا في هذا المعنى:
سؤال الناس مفتاح عتيد ... لباب الفقر فاتلف بالسؤال
وروي أشعب الطماع عن عبد الله بن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: يحشر الله عز وجل يوم القيامة قوما عارية وجوههم قد أذهب حياءها كثرة السؤال.
سؤال السائل من السائل
مدح أبو الشمقمق مروان بن أبي حفصة. فقال له أبو الشمقمق: أنت شاعر وأنا شاعر، وغايتنا كلنا السؤال.
وذكر أعرابي رجلا بالسؤال، فقال: إنه أسأل من ذي عصوين.
وقال حبيب:
لم يخلق الرحمن أحمق لحية ... من سائل يرجو الغنى من سائل
الأصمعي عن عيسى بن عمر النحوي قال: قدمت من سفر فدخل عليّ ذو الرّمة الشاعر، فعرضت لأن أعطيه شيئا، فقال: كلا، أنا وأنت نأخذ ولا نعطي.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید