المنشورات

الشباب والصحة

قال أبو عمرو بن العلاء: ما بكت العرب شيئا ما بكت على الشباب وما بلغت به ما يستحقّه.
وقل الأصمعي: أحسن أنماط الشعر المراثي والبكاء على الشباب:
وقيل لكثيّر عزة: مالك لا تقول الشعر؟ قال: ذهب الشباب فما أطرب، ومات عبد العزيز فما أرغب.
وقال عبد الله بن عباس: الدنيا العافية، والشباب الصحة.
وقال محمود الوراق:
أليس عجيبا بأن الفتى ... يصاب ببعض الذي في يديه
فمن بين باك له موجع ... وبين مغرّ مغذّ إليه «1»
ويسلبه الشيب شرخ الشباب ... فليس يعزّيه خلق عليه
وقال ابن أبي حازم:
ولّى الشّباب فخلّ الدمع ينهمل ... فقد الشباب بفقد الروح متصل
لا تكذبنّ فما الدنيا بأجمعها ... من الشباب بيوم واحد بدل
وقال جرير:
ولّى الشباب حميدة أيامه ... لو كان ذلك يشترى أو يرجع
وقال صريع الغواني:
واها لأيّام الصّبا وزمانه ... لو كان أسعف بالمقام قليلا
سل عيش دهر قد مضت أيامه ... هل يستطيع إلى الرجوع سبيلا
وقال الحسن بن هانيء:
وأراني إذ ذاك في طاعة الجه ... ل وفوقي من الصّبا إمراء «1»
ترب عيش لريطي فضل ذيل ... ولرأسي ذؤابة فرعاء «2»
بقناع من الشباب جديد ... لم ترقّعه بالخضاب النساء
قبل أن يلبس المشيب عذاريّ ... وتبلى عمامتي السوداء
وقال أعرابي:
لله أيام الشباب وعصره ... لا يستعار جديده فيعار
ما كان أقصر ليله ونهاره ... وكذلك أيام السرور قصار
ومن قولنا في الشباب:
ولّى الشباب وكنت تسكن ظلّه ... فانظر لنفسك أيّ ظل تسكن
ونهى المشيب عن الصّبا لو أنه ... يدلي بحجته إلى من يلقن
ومن قولنا فيه:
قالوا شبابك قد مضت أيامه ... بالعيش قلت وقد مضت أيامي
لله أيّة نعمة كان الصبا ... لو أنها وصلت بطول دوام
حسر المشيب قناعه عن وجهه ... وصحا العواذل بعد طول ملام «3»
فكأنّ ذاك العيش ظلّ غمامة ... وكأنّ ذاك اللهو طيف منام
ومن قولنا فيه:
ولو شئت راهنت الصبابة والهوى ... وأجريت في اللذات من مئتين
وأسلبت من ثوب الشباب، وللصبا ... عليّ رداء معلّم الطرفين «4»
وقال آخر:
إنّ شرخ الشباب والشّعر الأس ... ود ما لم يعاص كان جنونا «1»
وقال آخر:
قالت عهدتك مجنونا فقلت لها ... إن الشباب جنون برؤه الكبر
ومن قولنا في الشباب:
كنت إلف الصبا فودّعني ... وداع من بان غير منصرف
أيام لهوي كظلّ إسحلة ... وإذ شبابي كروضة أنف «2»
ومن قولنا في الشباب:
شبابي كيف صرت إلى نفاد ... وبدّلت البياض من السواد
وما أبقى الحوادث منك إلّا ... كما أبقت من القمر الدّادي «3»
فراقك عرّف الأحزان قلبي ... وفرّق بين جفني والرّقاد
فيا لنعيم عيش قد تولّى ... ويا لغليل حزن مستفاد
كأنّي منك لم أربع بربع ... ولم أرتد به أحلى مراد
سقى ذاك الثّرى وبل الثّريّا ... وغادى نبته صوب الغوادي «4»
فكم لي من غليل فيه خاف ... وكم لي من عويل فيه بادي
زمان كان فيه الرّشد غيّا ... وكان الغيّ فيه من الرّشاد
يقبّلني بدلّ من قبول ... ويسعدني بوصل من سعاد
وأجنبه فيعطيني قيادا ... ويجنبني فأعطيه قيادي














مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید