المنشورات

أمثال رسول الله صلّى الله عليه وسلم

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبي الصراط أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخيّة، وعلى رأس الصراط داع يقول: ادخلوا الصراط ولا تعوجّوا. فالصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، والداعي القرآن.
وقال صلّى الله عليه وسلم: مثل المؤمن كالخامة «1» من الزرع: يقلبها الريح مرة كذا ومرة كذا.
ومثل الكافر مثل الأرزة «2» المجذية على الأرض، يكون انجعافها بمرّة.
وسأله حذيفة: أبعد هذا الشر خير يا رسول الله؟ فقال: جماعة على أقذاء، وهدنة على دخن.
وقوله حين ذكر الدنيا وزينتها، فقال: إن ممّا ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلّم «3» .
وقال لأبي سفيان: أنت أبا سفيان كما قالوا: كلّ الصيد في جوف الفرا «4» .
وقال حين ذكر الغلو في العبادة: إن المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
وقال صلّى الله عليه وسلم: إياكم وخضراء الدّمن. قالوا: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء.
وذكر الرّبا في آخر الزمان، وافتتان الناس به، فقال: من لم يأكله أصابه غباره.
وقال: الإيمان قيد الفتك.
وقال صلّى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
وقال في فرس: وجدته بحرا.
وقال: إن من البيان لسحرا.
وقال: لا ترفع عصاك عن أهلك.
وقال صلّى الله عليه وسلم: لا يلدغ المؤمن من جحر»
مرتين.
وقال: الحرب خدعة.
وله صلّى الله عليه وسلم: أمثال كثيرة غير هذه، ولكنّا لم نذهب في كل باب إلى استقصائه، وإنما ذهبنا إلى أن نكتفي بالبعض، ونستدل بالقليل على الكثير، ليكون أسهل مأخذا للحفظ، وأبرأ «2» من الملالة والهرب. وتفسيرها:
أما المثل الأوّل، فقد فسّره النبي صلّى الله عليه وسلم.
وأما قوله: «المؤمن كالخامة والكافر كالأرزة، فإنه شبّه المؤمن في تصرف الأيام به وما يناله من بلائها، بالخامة من الزرع يقلبها الرّيح مرة كذا ومرة كذا- والخامة في قول أبي عبيد: القصبة الرطبة في الزرع؛ والأرزة: واحدة الأرز، وهو شجر له ثمر يقال له الصنوبر. والمجذبة: الثابتة، وفيها لغتان: جذا يجذو، وأجذى يجذى.
والانجعاف: الانقلاع، يقال جعفت الرجل، إذا قلعته وصرعته وضربت به الأرض.
وقوله لحذيفة: هدنة على دخن وجماعة على أقذاء «3» . أراد ما تنطوي عليه القلوب من الضغائن والأحقاد، فشبّه ذلك بإغضاء الجفون على الأقذاء. والدخن: مأخوذ من الدخان، جعلا مثله لما في الصدور من الغل.
وقوله: إنّ مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم. فالحبط- كما ذكر أبو عبيدة عن الأصمعي: أن تأكل الدابة حتى ينتفخ بطنها وتمرض منه، يقال: حبطت الدابة تحبط حبطا. وقوله: أو يلم. معناه: أو يقرب من ذلك. ومنه قوله: إذ ذكر أهل الجنة فقال: إن أحدهم إذا نظر إلى ما أعدّ الله له في الجنة فلولا أنه شيء قضاه الله له لألّم أن يذهب بصره، يعني لما يرى فيها. يقول: لقرب أن يذهب بصره.
وقوله لأبي سفيان: كل الصيد في جوف الفرا. فمعناه أنك في الرجال كالفرا في الصيد، وهو الحمار الوحشي، وقال له ذلك يتألّفه على الإسلام.
وقوله حين ذكر الغلو في العبادة: إن المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى. يقول:
إن المغذّ «1» في السير إذا أفرط الإغذاذ عطبت راحلته من قبل أن يبلغ حاجته أو يقضي سفره، فشبّه بذلك من أفرط في العبادة حتى يبقى حسيرا.
وقوله في الربا: من لم يأكله أصابه غباره. إنما هو مثل لما ينال الناس من حرمته، وليس هناك غبار.
وقوله: الإيمان قيّد الفتك. أي منع منه كأنه قيد له. وفي حديث آخر: لا يفتك مؤمن.
وقوله في فرس: وجدته بحرا. وإن من البيان لسحرا؛ إنما هو تمثيل لا على التحقيق.
وكذلك قوله: الولد للفراش وللعاهر الحجر. معناه أنه لا حق له في نسب الولد.
وقوله صلّى الله عليه وسلم: لا ترفع عصاك عن أهلك. إنما هو الأدب بالقول، ولم يرد ألا ترفع عنها العصا.
وقوله: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. معناه أن لدغ مرة يحفظ من أخرى.
وقوله: الحرب خدعة. يريد أنها بالمكر والخديعة.









مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید