المنشورات

من أمثال الهند:

وفي كتاب للهند: مثل الدنيا وآفاتها ومخاوفها والموت والمعاد الذي إليه مصير الإنسان: قال الحكيم: وجدت مثل الدنيا والمغرور بالدنيا المملوءة آفات، مثل رجل ألجأه خوف إلى بئر تدلّى فيها وتعلق بغصنين نابتين على شفير البئر، ووقعت رجلاه على شيء فمدّهما. فنظر فإذا بحيّات أربع قد أطلعن رءوسهنّ من جحورهنّ، ونظر إلى أسفل البئر فإذا بثعبان فاغرفاه نحوه، فرفع بصره إلى الغصن الذي يتعلق به فإذا في أصله جرذان أبيض وأسود يقرضان الغصن دائبين لا يفتران؛ فبينما هو مغتم بنفسه وابتغاء الحيلة في نجاته، إذ نظر فإذا بجانب منه جحر نحل قد صنعن شيئا من عسل، فتطاعم منه فوجد حلاوته، فشغلته عن الفكر في أمره والتماس النجاة لنفسه، ولم يذكر أن رجليه فوق أربع حيات لا يدري من تساوره منهنّ، وأن الجرذين دائبان في قرض الغصن الذي يتعلق به، وأنهما إذا قطعاه وقع في لهوة «1» التنين. ولم يزل لاهيا غافلا حتى هلك.
قال الحكيم: فشبهت الدنيا المملوءة آفات وشرورا ومخاوف بالبئر؛ وشبهت الأخلاط التي بني جسد الإنسان عليها، من المرّتين والبلغم والدم بالحيات الأربع وشبهت الحياة بالغصنين اللذين تعلق بهما وشبهت الليل والنهار ودورانهما في إفناء الأيام والأجيال بالجرذين الأبيض والأسود اللذين يقرضان الغصن دائبين لا يفتران؛ وشبهت الموت الذي لا بد منه بالتنين الفاغر «2» فاه؛ وشبهت الذي يرى الإنسان ويسمع ويطعم ويلبس فيلهيه ذلك عن عاقبة أمره وما إليه مصيره بالعسيلة التي تطاعمها.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید