المنشورات

المثل من غير الحيوان

قالوا: أهدى من النّجم. وأجود من الدّيم. وأصبح من الصّبح. وأسمح من البحر. وأنور من النهار. وأسود من اللّيل. وأمضى من السّيل. وأحمق من رجلة «9» .
وأحسن من دمية. وأنزه من روضة. وأوسع من الدّهناء «10» . وآنس من جدول.
وأضيق من قرار حافر. وأوحش من مفازة. وأثقل من جبل. وأبقى من الوحي «1» في صمّ الصّلاب. وأخفّ من ريش الحواصل.
ومما ضربوا به المثل
قولهم: قوس حاجب. وقرط مارية. وحجّام «2» ساباط. وشقائق النعمان. وندامة الكسعيّ. وحديث خرافة. وكنز النّطف. وخفّا حنين. وعطر منشم.
أما قوس حاجب. فقد فسرنا خبره في كتاب الوفود.
وأما قرط مارية فإنها مارية بنت ظالم بن وهب بن الحارث بن معاوية الكندي وأختها هند الهنود امرأة حجر آكل المرار. وابنها الحارث الأعرج الذي ذكره النابغة بقوله:
والحارث الأعرج خير الأنام
وإيّاها يعني حسان بن ثابت بقوله:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم قبر ابن مارية الكريم المفضل وأما حجّام ساباط، فإنه كان يحجم الجيوش بنسيئة إلى انصرافهم، من شدة كساده؛ وكان فارسيّا. وساباط. هو ساباط كسرى.
ونسب شقائق النعمان إليه، لأن النعمان بن المنذر أمر بأن تحمى وتضرب قبته فيها استحسانا لها، فنسبت إليه، والعرب تسميها الشّقر.
وأما خرافة؛ فإنّ أنس بن مالك يروي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة رضي الله عنها: إنّ من أصدق الأحاديث حديث خرافة، وكان رجلا من بني عذرة سبته الجن، وكان معهم، فإذا استرقوا السمع أخبروه، فيخبر به أهل الأرض فيجدونه كما قال.
وأما كنز النّطف، فهو رجل من بني يربوع كان فقيرا يحمل الماء على ظهره فينطف، أي يقطر؛ وكان أغار على مال بعث به باذان من اليمن إلى كسرى، فأعطى منه يوما حتى غربت الشمس، فضربت به العرب المثل في كثرة المال.
وأما خفّا «1» حنين، فإنه كان إسكافا من أهل الحيرة، ساومه أعرابيّ بخفين فاختلفا حتى أغضبه، فأراد أن يغيظ الأعرابيّ، فلما ارتحل أخذ أحد الخفين فألقاه في طريق الأعرابي، ثم ألقى الآخر بموضع آخر على طريقه. فلما مر الأعرابي، بالخف الأول، قال ما أشبه هذا بخف حنين! لو كان معه صاحبه لأخذته. فلما مرّ بالآخر ندم على ترك الأول فأناخ راحلته، وانصرف إلى الأول وقد كمن له حنين، فوثب على راحلته وذهب بها؛ وأقبل الأعرابيّ ليس معه غير خفى حنين. فذهبت مثلا.
وأما عطر منشم، فإنها كانت امرأة تبيع الحنوط «2» في الجاهلية، فقيل للقوم إذا تحاربوا: دقّوا عطر منشم. يراد بذلك طيب الموتى.
وأما ندامة الكسعي، فإنه رجل رمى فأصاب، فظن أنه أخطأ فكسر قوسه، فلما علم ندم على كسر قوسه. فضرب به المثل.









مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید