المنشورات

الأمثال في مكارم الأخلاق

الحلم
قال أبو عبيد: من أمثالهم في الحلم: إذا نزا «1» بك الشّرّ فاقعد. أي فاحلم ولا تسارع إليه.
ومنه قول الآخر: الحليم مطيّة الجهول.
وقولهم: لا ينتصف حليم من جاهل.
وقولهم: أخّر الشّرّ فإن شئت تعجّلته.
وقولهم في الحليم: إنه لواقع الطّير، ولساكن الرّيح.
وقولهم في الحلماء: كأنما على رءوسهم الطّير.
ومنه قولهم: ربما أسمع فأذر.
وقولهم: حلمي أصمّ وأذني غير صمّاء.
العفو عند المقدرة
منه قولهم: ملكت فأسجح. وقد قالته عائشة رضوان الله عليها لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه يوم الجمل حين ظهر على الناس فدنا من هودجها وكلّمها فأجابته ملكت فأسجح. أي ظفرت فأحسن. فجهزها بأحسن الجهاز. وبعث معها أربعين امرأة- وقال بعضهم: سبعين- حتى قدمت المدينة.
ومنه قولهم: إن المقدرة تذهب الحفيظة.
وقولهم: إذا ارجحنّ شاصيا فارفع يدا. يقول: إذا رأيته قد خضع واستكان فاكفف عنه. والشاصي: الرافع رجله.
المساعدة وترك الخلاف
من ذلك قولهم إذا عز أخوك فهن.
وقولهم: لولا الوئام هلك اللّئام. الوئام: المباهاة. يقول: لولا المباهاة لم يفعل الناس خيرا.
مداراة الناس
قالوا: إذا لم تغلب فاخلب. يقول: إذا لم تغلب فاخدع ودار وألطف.
وقولهم: إلّا حظيّة فلا أليّة. معناه: إن لم يكن حظوة فلا تقصير. وألا يألوا، ويأتلي: أي يقصّر. ومنه قول الله عز وجل: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ
«1» .
وقولهم: سوء الاستمساك خير من حسن الصّرعة.
ومنه قول أبي الدرداء: إنّا لنبشّ في وجوه قوم وإنّ قلوبنا لتلعنهم.
ومنه قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «شرار النّاس من داراه الناس لشرّه» .
ومنه قول شبيب بن شيبة في خالد بن صفوان: ليس له صديق في السّرّ ولا عدو في العلانية. يريد أن الناس يدارونه لشرّه، وقلوب الناس تبغضه.
مفاكهة «2» الرجل أهله
منه قولهم: كلّ امريء في بيته صبي. يريد حسن الخلق والمفاكهة.
ومنه قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: إنّا إذا خلونا قلنا.
ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «خياركم خيركم لأهله» .
ومنه قول معاوية: انهنّ يغلبن الكرام ويغلبهنّ اللئام.
اكتساب الحمد واجتناب الذم
قالوا: الحمد مغنم والذّمّ مغرم.
وقولهم: إن قليل الذّمّ غير قليل.
وقولهم: إنّ خيرا من الخير فاعله، وإنّ شرا من الشرّ فاعله.
وقولهم:
الخير يبقى وإن طال الزّمان به ... والشرّ أخبث ما أوعيت من زاد «1»
الصبر على المصائب
من ذلك قولهم:
هوّن عليك ولا تولع بإشفاق
وقولهم: من أراد طول البقاء فليوطّن «2» نفسه على المصائب.
وقولهم: المصيبة للصّابر واحدة وللجازع اثنتان.
وقال أكثم بن صيفي: حيلة من لا حيلة له الصّبر.
وذكروا عن بعض الحكماء أنه أصيب بابن له، فبكى حولا ثم سلا، فقيل له:
مالك لا تبكي؟ قال: كان جرحا فبريء.
قال أبو خراش الهذلي:
بلى إنها تعفو الكلوم «3» وإنما ... توكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي
ومنه قولهم: لا تلهّف على ما فات.
الحض على الكرم
منه قولهم: اصطناع المعروف يقي مصارع السوء.
وقولهم: الجود محبّة والبخل مبغضة.
وقول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
الكريم لا يجد
منه قولهم: بيتي يبخل لا أنا.
وقولهم: بالساعد تبطش الكفّ.
وقولهم:
ما كلّف الله نفسا فوق طاقتها ... ولا تجود يد إلا بما تجد
وقال آخر:
يرى المرء أحيانا إذا قلّ ماله ... من الخير تارات ولا يستطيعها
متى ما يرمها قصّر الفقر كفّه ... فيضعف عنها والغنيّ يضيعها
القناعة والدعة
منه قولهم:
وحسبك من غنى شبع وريّ
وقولهم: يكفيك ما بلّغك المحلّ.
وقال الشاعر:
من شاء أن يكثر أو يقلّا ... يكفيه ما بلّغه المحلّا
الصبر على المكاره تحمده العواقب
قالوا: عواقب المكاره محمودة.
وقالوا: عند الصباح يحمد القوم السّرى «1» .
وقولهم: لا تدرك الراحة إلا بالتعب.
أخذه حبيب فقال:
على أنني لم أحو مالا مجمّعا ... ففزت به إلا بشمل مبدّد
ولم تعطني الأيام نوما مسكّنا ... ألذّ به إلا بنوم مشرّد
وأحسن منه قوله أيضا:
بصرت بالراحة العليا فلم ترها ... تنال إلا على جسر من التعب










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید