المنشورات

مواعظ الأنبياء عليهم السلام

للنبي صلّى الله عليه وسلم:
قال أبو بكر بن أبي شيبة يرفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم «يكفي أحدكم من الدنيا قدر زاد الراكب» .
وقال صلّى الله عليه وسلم: «ابن آدم. اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» .
عبد الله بن سلام قال: لما قدم علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة أتيته، فلما رأيت وجهه علمت أنه ليس بوجه كذّاب؛ فسمعته يقول: «أيها الناس، أطعموا الطّعام، وأفشوا السلام، وصلّوا والناس نيام» .
لعيسى عليه السّلام:
وقال عيسى بن مريم عليه السّلام: ألا أخبركم بخيركم مجالسة؟ قالوا: بلى يا روح الله. قال: من تذكّركم بالله رؤيته، ويزيد في عملكم منطقه، ويشوّقكم إلى الجنة عمله.
وقال عيسى بن مريم عليه السّلام للحواريين: ويلكم يا عبيد الدنيا! كيف تخالف فروعكم أصولكم، وأهواؤكم عقولكم. قولكم شفاء يبرىء الدّاء، وفعلكم داء لا يقبل الدّواء. لستم كالكرمة التي حسن ورقها، وطاب ثمرها، وسهل مرتقاها.
ولكنكم كالسمرة «1» التي قلّ ورقها، وكثر شوكها، وصعب مرتقاها. ويلكم يا عبيد الدنيا! جعلتم العمل تحت أقدامكم من شاء أخذه، وجعلتم الدنيا فوق رؤوسكم لا يمكن تناولها؛ فلا أنتم عبيد نصحاء، ولا أحرار كرام. ويلكم يا أجراء السوء! الأجر تأخذون، والعمل تفسدون، سوف تلقون ما تحذرون، إذا نظر ربّ العمل في عمله الذي أفسدتم، وأجره الذي أخذتم.
وقال عليه السّلام للحواريين: اتخذوا المساجد بيوتا، والبيوت منازل، وكلوا بقل البرية، واشربوا الماء القراح، وانجوا من الدنيا سالمين.
وقال عليه السّلام للحواريّين: لا تنظروا في أعمال الناس كأنكم أرباب، وانظروا في أعمالكم كأنكم عبيد؛ فإنما الناس رجلان: مبتلى ومعافى؛ فارحموا أهل البلاء،واحمدوا الله على العافية.
وقال عليه السّلام لهم أيضا: عجبا لكم، تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل؛ ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل.
وقال يحيى بن زكريا عليه السّلام للمكذّبين من بني إسرائيل: يا نسل الأفاعي، من دلّكم على الدخول في المساخط الموبقة بكم؟ ويلكم! تقرّبوا بعمل صالح، ولا تغرّنكم قرابتكم من إبراهيم عليه السّلام. فإن الله قادر على أن يستخرج من هذه الجنادل «1» نسلا لإبراهيم. إن الفأس قد وضعت في أصول الشجر، فأخلق بكلّ شجرة مرّة الطعم أن تقطع وتلقى في النار.
وقال شعياء لبني إسرائيل: إذ أطلق الله لسانه بالوحي: إن الدابة تزداد على كثرة الرياضة لينا، وقلوبكم لا تزداد على كثرة الموعظة إلا قسوة. إنّ الجسد إذا صلح كفاه القليل من الطعام، وإن القلب إذا صحّ كفاه القليل من الحكمة. كم من سراج قد أطفأته الريح، وكم عابد قد أفسده العجب. يا بني إسرائيل، اسمعوا قولي، فإن قائل الحكمة وسامعها شريكان، وأولاهما بها من حقّقها بعمله.
وقال المسيح صلّى الله عليه وسلم: إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذ نظر الناس إلى ظاهرها، وإلى آجلها إذ نظروا إلى عاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا ما علموا أن سيتركهم؛ هم أعداء لما سالم الناس، وسلم لما عادى الناس، لهم خير، وعندهم الخبر العجيب، بهم نطق الكتاب وبه نطقوا، وبهم علم الهدى وبه عملوا، لا يرون أمانا دون ما يرجون، ولا خوفا دون ما يحذرون.
داود عليه السّلام:
وهب بن منبه قال: قال داود عليه السّلام: يا رب، ابن آدم ليس منه شعرة إلا وتحتها لك نعمة وفوقها لك نعمة، فمن أين يكافئك بما أعطيته؟ فأوحى الله إليه: يا داود، إنّي أعطي الكثير، وأرضى من عبادي بالقليل، وأرضى من شكر نعمتي بأن يعلم العبد أن ما به من نعمة فمن عندي لا من عند نفسه.
إبراهيم عليه السّلام:
ولما أمر الله عز وجل إبراهيم صلّى الله عليه وسلم بذبح ولده وأن يجعله قربانا، أسرّ ذلك إلى خليل له يقال له العازر، وكان له صديقا؛ فقال له الصديق إن الله لا يبتلي بمثل هذا مثلك، ولكنه يريد أن يختبرك أو يختبر بك؛ وقد علمت أنه لا يبتليك بمثل هذا ليفتنك، ولا ليضلك ولا ليعنتك، ولا لينقض به بصيرتك وإيمانك ويقينك؛ فلا يرو عنّك هذا، ولا يسوأن بالله ظنّك؛ وإنما رفع الله اسمك في البلاء عنده على جميع أهل البلايا، حتى كنت أعظمهم محنة في نفسك وولدك. ليرفعك بقدر ذلك في المنازل والدرجات والفضائل: فليس لأهل الصبر في فضيلة الصبر إلا فضل صبرك، وليس لأهل الثواب في فضيلة الثواب إلا فضل ثوابك. وليس هذا من وجوه البلاء الذي يبتلي الله به أولياءه؛ لأن الله أكرم في نفسه، وأعدل في حكمه وأرحم بعباده من أن يجعل ذبح الولد الطّيب بيد الوالد النبي المصطفى. وأنا أعوذ بالله أن يكون هذا مني حتما على الله أو ردّا لأمره، أو سخطا لحكمه، ولكن هذا الرجاء فيه والظنّ به؛ فإن عزم ربّك على ذلك فكن عند أحسن علمه بك؛ فإني أعلم أنه لم يعرّضك لهذا البلاء الجسيم، والخطب العظيم، إلا لحسن علمه بك، وصدقك وتصبّرك؛ ليجعلك إماما؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید