المنشورات

وحي الله تعالى إلى أنبيائه

أوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبيائه: إني أنا الله مالك الملوك؛ قلوب الملوك بيدي؛ فمن أطاعني جعلت الملوك عليه رحمة؛ ومن عصاني جعلت الملوك عليه نقمة «1» .
المسيح عليه السّلام:
ومما أنزل الله على المسيح في الإنجيل: شوّقناكم فلم تشتاقوا؛ ونحنا لكم فلم تبكوا؛ يا صاحب الخمسين، ما قدّمت وما أخّرت؟ يا صاحب الستين، قد دنا حصادك! يا صاحب السبعين، هلمّ إلى الحساب.
وفي بعض الكتب القديمة المنزلة: يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا عبادي طالما ظمئتم، وتقلّصت في الدنيا شفاهكم، وغارت أعينكم عطشا وجوعا: فكلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية.
وأوحى الله تعالى إلى نبيّ من أنبيائه: هب لي من قلبك الخشوع، ومن نفسك الخضوع، ومن عينيك الدّموع؛ وسلني فأنا القريب المجيب.
وفي بعض الكتب: عبدي، كم أتحبّب إليك بالنعم وتتبغّض إليّ بالمعاصي؛ خيري إليك نازل، وشرّك إليّ صاعد.
وأوحى الله إلى نبيّ من أنبيائه: إن أردت أن تسكن غدا حظيرة القدس، فكن في الدنيا فريدا، وحيدا، طريدا، مهموما، حزينا؛ كالطير الوحدانيّ: يظل بأرض الفلاة، ويرد ماء العيون، ويأكل من أطراف الشجر؛ فاذا جنّ عليه الليل أوى وحده، واستيحاشا من الطير واستئناسا بربه.
ومما أوحى الله إلى موسى في التوراة: يا موسى بن عمران، يا صاحب جبل لبنان، أنت عبدي وأنا إلهك الدّيّان، لا تستذلّ الفقير، ولا تغبط الغني بشيء يسير، وكن عند ذكري خاشعا، وعند تلاوة وحي طائعا؛ أسمعني لذاذة التوراة بصوت حزين.
موسى عليه السّلام:
وقال وهب بن منبّه: أوحى الله إلى موسى عند الشجرة: لا تعجبنّك زينة فرعون ولا ما متّع به، ولا تمدّنّ إلى ذلك عينك؛ فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين؛ ولو شئت أن أوتيك زينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عنها فعلت؛ولكني أرغبتك عن ذلك وأزويته عنك؛ فكذلك أفعل بأوليائي؛ إني لأذودهم عن نعيمها. ولذاذتها كما يذود الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة؛ وإني لأحميهم عيشها وحلوتها، كما يحمي الراعي ذوده عن مبارك العرّ «1» .
يوسف عليه السّلام:
وذكر عن وهب بن منبه أن يوسف لما لبث في السجن بضع سنين، أرسل الله جبريل إليه بالبشارة بخروجه، فقال: أما تعرفني أيها الصّدّيق؟ قال يوسف: أرى صورة طاهرة وروحا طيبا لا يشبه أرواح الخاطئين. قال جبريل: أنا الروح الأمين، رسول رب العالمين. قال يوسف: فما أدخلك مداخل المذنبين، وأنت سيد المرسلين، ورأس المقرّبين؟ قال: ألم تعلم أيها الصديق أن الله يطهر البيوت بطهر النبيين. وأن البقعة التي تكون فيها هي أطهر الأرضين، وأنّ الله قد طهّر بك السجن وما حوله يا ابن الطاهرين. قال يوسف: كيف تشبهني بالصالحين، وتسميني بأسماء الصادقين، وتعدّني مع آبائي المخلصين، وأنا أسير بين هؤلاء المجرمين؟ قال جبريل: لم يكلم قلبك الجزع، ولم يغيّر خلفك البلاء، ولم يتعاظمك السجن، ولم تطأ فراش سيّدك، ولم ينسك بلاء الدنيا بلاء الآخرة، ولم تنسك نفسك أباك، ولا أبوك ربّك، وهذا الزمان الذي يفكّ الله فيه عنقك، ويعتق فيه رقبتك، ويبيّن للناس فيه حكمتك، ويصدّق رؤياك، وينصفك ممن ظلمك، ويجمع لك أحبتك ويهب لك ملك مصر تملك ملوكها، وتذل جبابرتها، وتصغّر عظماءها، ويذلّ لك أعزتها. ويخدمك سوقتها «2» ، يخوّلك خولها، ويرحم بك مساكينها، ويلقي لك المودة والهيبة في قلوبهم، ويجعل لك اليد العليا عليهم، والأثر الصالح فيهم، ويرى فرعون حلما يفزع منه حتى يسهر ليله، ويذهب نومه، ويغمّى عليه، تفسيره وعلى السحرة والكهنة، ويعلّمك تأويله.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید