المنشورات

من أحب الموت ومن كرهه

في بعض الأحاديث: «لا يتمنى أحدكم الموت؛ فعسى أن يكون محسنا فيزداد في إحسانه، أو يكون مسيئا فينزع عن إساءته» .
وقد جاء في الحديث: «يقول الله تبارك وتعالى: إذا أحبّ عبدي لقائي أحببت لقاءه، وإذا كره لقائي كرهت لقاءه» .
وليس معنى هذا الحديث حبّ الموت وكراهته، ولكن معناه من أحب الله أحبه الله، ومن كره الله كرهه الله.
وقال أبو هريرة: كره الناس ثلاثا وأحببتهنّ: كرهوا المرض وأحببته، وكرهوا الفقر وأحببته، وكرهوا الموت وأحببته!
بشر بن منصور:
عبد الأعلى بن حماد قال: دخلنا على بشر بن منصور وهو في الموت، وإذا هو من السرور في أمر عظيم؛ فقلنا له: ما هذا السرور؟ قال: سبحان الله! أخرج من بين الظالمين والحاسدين والمغتابين والباغين وأقدم على أرحم الراحمين ولا أسرّ.
الوليد بن عبد الملك وشيخ:
ودخل الوليد بن عبد الملك المسجد، فخرج كل من كان فيه، إلا شيخا قدحناه الكبر؛ فأرادوا أن يخرجوه، فأشار إليهم [الوليد] أن دعوا الشيخ. ثم مضى حتى وقف عليه، فقال له: يا شيخ، تحب الموت؟ قال: لا يا أمير المؤمنين؛ ذهب الشباب وشره، وأتى الكبر وخيره؛ فإذا قمت حمدت الله، وإذا قعدت ذكرته؛ فأنا أحب أن تدوم لي هاتان الخلتان.
النبي صلّى الله عليه وسلم وعبد الله بن عمر:
قال عبد الله بن عمر: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، مالي لا أحب الموت؟ قال: «هل لك مال» ؟ قال: نعم. قال: «فقدّمه بين يديك» . قال: لا أطيق ذلك! فقال النبي عليه السّلام: «المرء مع ماله؛ إن قدّمه أحب أن يلحقه، وإن أخره أحب أن يتخلف معه!» وقال الشاعر في كراهية الموت:
قامت تشجّعني هند فقلت لها ... إنّ الشجاعة مقرون بها العطب
لا والذي منع الأبصار رؤيته ... ما يشتهي الموت عندي من له أرب
وقالت الحكماء: الموت كريه.
وقالوا: أشدّ من الموت ما إذا نزل بك أحببت له الموت؛ وأطيب من العيش ما إذا فارقته أبغضت له العيش.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید