المنشورات

النهي عن خدمة السلطان وإتيان الملوك

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من دخل على الملوك خرج وهو ساخط على الله.
أبو جعفر وسفيان:
أرسل أبو جعفر إلى سفيان، فلما دخل عليه قال: سلني حاجتك أبا عبد الله! قال:
وتقضيها يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: فإن حاجتي إليك أن لا ترسل إليّ حتى آتيك، ولا تعطيني شيئا حتى أسألك! ثم خرج؛ فقال أبو جعفر: ألقينا الحبّ إلى العلماء فلقطوا، إلا ما كان من سفيان الثوري، فإنه أعيانا فرارا.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الدخول على الأغنياء فتنة للفقراء.
وقال زياد لأصحابه: من أغبط الناس عيشا؟ قالوا: الأمير وأصحابه. قال: كلا؛ إنّ لأعواد المنبر لهيبة، ولقرع لجام البريد لفزعة. ولكن أغبط الناس عيشا رجل له دار يسكنها، وزوجة صالحة يأوي إليها، في كفاف من عيش، لا يعرفنا ولا نعرفه؛ فإن عرفنا وعرفناه أفسدنا عليه آخرته ودنياه.
وقال الشاعر:
إنّ الملوك بلاء حيثما حلّوا ... فلا يكن لك في أكنافهم ظل
ماذا تريد بقوم إن هم غضبوا ... جاروا عليك وإن أرضيتهم ملّوا
فاستغن بالله عن إتيانهم أبدا ... إنّ الوقوف على أبوابهم ذلّ
وقال آخر:
لا تصحبنّ ذوي السّلطان في عمل ... تصبح على وجل تمسي على وجل «1»
كل التّراب ولا تعمل لهم عملا ... فالشّرّ أجمعه في ذلك العمل
وفي كتاب كليلة ودمنة: صاحب السلطان مثل راكب الأسد: لا يدري متى يهيج به فيقتله.
مالك بن دينار وسجين:
ودخل مالك بن دينار على رجل في السجن يزوره، فنظر إلى رجل جنديّ قد اتكأ في رجليه كبول «2» قد قرنت بين ساقيه، وقد أتي بسفرة كثيرة الألوان؛ فدعا مالك بن دينار إلى طعامه؛ فقال له: أخشى إن أكلت من طعامك هذا أن يطرح في رجلي مثل كبولك هذه.
وفي كتاب الهند: السلطان مثل النار: إن تباعدت عنها احتجت إليها، وإن دنوت منها أحرقتك.
أيوب وأبو قلابة في القضاء:
أيوب السختياني قال: طلب أبو قلابة لقضاء البصرة، فهرب منها إلى الشام، فأقام حينا ثم رجع، قال أيوب فقلت له: لو وليت القضاء وعدلت كان لك أجران.
قال: يا أيوب، إذا وقع السابح في البحر فكم عسى أن يسبح!
إبراهيم يعظ بقية:
وقال بقية: قال لي إبراهيم: يا بقية، كن ذنبا ولا تكن رأسا، فإن الرأس يهلك والذنب ينجو.
ومن قولنا في خدمة السلطان وصحبته:
تجنّب لباس الخزّ إن كنت عاقلا ... ولا تختتم «1» يوما بفصّ زبرجد
ولا تتغلّل بالغوالي تعطّرا ... وتسحب أذيال الملاء المعضّد «2»
ولا تتبختر صيّت النّعل زاهيا ... ولا تتصدّر في الفراش الممهّد
وكن هملا في الناس أغبر شاعثا ... تروح وتغدو في إزار وبرجد «3»
ترى جلد كبش تحته كلّ ما استوى ... عليه سرير فوق صرح ممرّد
ولا تطمح العينان منك إلى امرىء ... له سطوات باللّسان وباليد
تراءت له الدّنيا بزبرج عيشها ... وقادت له الأطماع غير مقوّد
فأسمن كشحيه وأهزل دينه ... ولم يرتقب في اليوم عاقبة الغد «4»
فيوما تراه تحت سوط مجرّدا ... ويوما تراه فوق سرج منضّد «5»
فيرحم تارات ويحسد تارة ... فذا شر مرحوم وذا شرّ محسد












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید