المنشورات

القول في الملوك

الأصمعي قال: بلغني أن الحسن قال: يابن آدم، أنت أسير الجوع، صريع الشبع؛إن قوما لبسوا هذه المطارف «1» العتاق. والعمائم الرقاق، ووسعوا دورهم، وضيقوا قبورهم، وأسمنوا دوابهم، وأهزلوا دينهم، يتكىء أحدهم على شماله، ويأكل من غير ماله فإذا أدركته الكظّة قال: يا جارية، هاتي هاضومك! ويلك! وهل تهضم إلا دينك؟
لمالك:
يحيى بن يحيى قال: جلس مالك يوما فأطرق مليّا، ثم رفع رأسه فقال: يا حسرة على الملوك! لا هم تركوا في نعيم دنياهم، وماتوا قبل أن يموتوا حزنا على ما خلّفوا، وجزعا مما استقبلوا! وقال الحسن، وذكر عنده الملوك: أما إنهم وإن هملجت»
لهم البغال، وأطافت بهم الرجال، وتعاقبت لهم الأموال، إن ذل المعصية في قلوبهم؛ أبى الله إلا أن يذلّ من عصاه!
لعبد الله بن الحسن:
الأصمعي قال: خطب عبد الله بن الحسن على منبر البصرة فأنشد على المنبر:
أين الملوك التي عن حظّها غفلت ... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
بلاء المؤمن في الدنيا
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «المؤمن كالخامة من الزرع: تميل بها الريح مرة كذا ومرة كذا؛ والكافر كالأرزة المجدثة على الأرض يكون انجعافها مرة» .
ومعنى هذا الحديث: تردّد الرزايا على المؤمن، وتجافيها عن الكافر ليزداد إثما.
وقال وهب بن منبه: قرأت في بعض الكتب: إني لأذود عبادي المخلصين عن نعيم الدنيا، كما يذود الراعي الشفيق إبله عن موارد الهلكة.
قال الفضيل بن عياض: ألا ترون كيف يزوي الله الدنيا عمن يحب من خلقه:
يمررها عليه مرة بالجوع، ومرة بالعري، ومرة بالحاجة؛ كما تصنع الأم الشفيقة بولدها: تفطمه بالصبر مرة، ومرة بالحضض «1» ؛ وإنما يريد بذلك ما هو خير له.
وفي الحديث: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «أخبرني جبريل عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ما ابتليت عبدي ببلية في نفسه أو ماله أو ولده فتلقاها بصبر جميل إلا استحييت يوم القيامة أن أرفع له ميزانا أو أنشر له ديوانا» .











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید