المنشورات

إعجاب الرجل بعمله

قال عمر بن الخطاب: ثلاث مهلكات، شحّ مطاع، وهوى متّبع، وإعجاب المرء بنفسه.
وفي الحديث: «خير من العجب بالطاعة، أن لا تأتي طاعة» .
وقالوا: ضاحك معترف بذنبه، خير من باك مدلّ على ربه.
وقالوا: سيّئة تسيئك، خير من حسنة تعجبك.
وقال الله تبارك وتعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ
«1» .
وقال الحسن: ذمّ الرجل لنفسه في العلانية مدح لها في السريرة.
وقالوا: من أظهر عيب نفسه فقد زكاها.
وقيل: أوحى الله إلى عبده داود: يا داود، خالق «2» الناس بأخلاقهم واحتجز الإيمان بيني وبينك.
وقال ثابت البناني: دخلت على داود، فقال لي: ما جاء بك؟ قلت، أزورك.
قال: ومن أنا حتى تزورني؟ أمن العباد أنا؟ لا والله! أم من الزهاد؟ لا والله! ثم أقبل على نفسه يوبّخها. فقال: كنت في الشبيبة فاسقا، ثم شبت فصرت مرائيا؛ والله إن المرائي شر من الفاسق.
بين عابدين:
لقي عابد عابدا، فقال أحدهما لصاحبه: والله إني أحبك في الله. قال: والله لو اطلعت على سريرتي لأبغضتني في الله.
معاوية وبعض الرجال:
وقال معاوية بن أبي سفيان لرجل: من سيد قومك؟ قال: أنا! قال: لو كنت كذلك لم تقله.
وقال محمود الوراق:
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه ... هذا محال في القياس بديع
لو كنت تضمر حبّه لأطعته ... إن المحبّ لمن أحبّ مطيع
في كل يوم يبتليك بنعمة ... منه وأنت بشكر ذاك مضيع
تواضع ابن سيرين:
وقال أبو الأشعث: دخلنا على ابن سيرين فوجدناه يصلي، فظن أنّا عجبنا بصلاته، فلما انفتل منها التفت لنا فقال: الرياء أخاف.
للنبي صلّى الله عليه وسلم:
زياد عن مالك قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «إياكم والشّرك الأصغر. قالوا: وما الشّرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء» .
وقال عبد الله بن مسعود: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: «لا رياء ولا سمعة «1» ، من سمّع الله به.
وقال صلّى الله عليه وسلم: «ما أسرّ امرؤ سريرة إلّا ألبسه الله رداءها: إن خيرا فخير، وإن شرّا فشرّ.
للقمان يعظ ابنه:
وقال لقمان الحكيم لابنه: احذر واحدة هي أهل للحذر. قال: وما هي؟ قال:
إياك أن تري الناس أنك تخشى الله وقلبك فاجر.
وفي الحديث. «من أصلح سريرته أصلح الله علانيته» .
وقال الشاعر:
وإذا أظهرت شيئا حسنا ... فليكن أحسن منه ما تسرّ
فمسرّ الخير موسوم به ... ومسرّ الشّرّ موسوم بشرّ
للأشعث في تخفيف الصلاة:
صلى أشعث فخفف الصلاة، فقيل له: ما أخف صلاتك! قال: إنه لم يخالطها رياء.
وصلى رجل من المرائين، فقيل له: ما أحسن صلاتك! فقال: ومع ذلك إني صائم!
بين طاهر والمروزي:
وقال طاهر بن الحسين لأبي عبد الله المروزي: كم لك منذ نزلت بالعراق؟ قال:
منذ عشرين سنة، وأنا أصوم الدهر منذ ثلاثين سنة. قال: أبا عبد الله، سألناك عن مسألة فأجبتنا عن مسألتين.
ابن الخطاب:
الأصمعي قال: أخبرني إبراهيم بن القعقاع بن حكيم قال: أمر عمر بن الخطاب لرجل بكيس، فقال الرجل: آخذ الخيط؟ قال عمر: ضع الكيس!
بين الحسن وبعضهم:
قال رجل للحسن وكتب عنك؟؟؟ كتابا: أتجعلني في حلّ من تراب حائطك؟ قال: يا ابن أخي، بلى، ورعك لا ينكر.
وقال محمود الوراق:
أظهروا للناس دينا ... وعلى الدّينار داروا
وله صاموا وصلّوا ... وله حجّوا وزاروا
لو بدا فوق الثّريّا ... ولهم ريش لطاروا!
وقال مساور الوراق:
شمّر ثيابك واستعدّ لقائل ... واحكك جبينك للقضاء بثوم
وعليك بالغنوى فاجلس عنده ... حتى تصيب وديعة ليتيم
وإذا دخلت على الرّبيع مسلّما ... فاخصص سبابة منك بالتّسليم
وقال:
تصوّف كي يقال له أمين ... وما معنى التّصوّف والأمانه
ولم يرد الإله به ولكن ... أراد به الطريق إلى الخيانه
وقال الغزال:
يقول لي القاضي معاذ مشاورا ... وولّى امرأ فيما يرى من ذوي العدل
قعيدك ماذا تحسب المرء فاعلا ... فقلت وماذا يفعل الدّبر في النحل «1»
يدقّ خلاياها ويأكل شهدها ... ويترك للذّبّان ما كان من فضل
وقال أبو عثمان المازني لبعض من راءى فهتك الله عز وجل ستره:
بينا أنا في توبتي مستعبرا ... قد شبّهوني بأبي دواد
وقد حملت العلم مستظهرا ... وحدّثوا عني بإسناد
إذ خطر الشيطان لي خطرة ... نكست منها في أبي جاد «2»
أبو العتاهية ومتصوف:
وقال ابن أبي العتاهية: أرسلني أبي إلى صوفيّ قد قيّر «3» إحدى عينيه أسأله عن المعنى في ذلك؛ فقال: النظر إلى الدنيا بكلتا عينيّ إسراف. قال: ثم بدا له في ذلك، فاتصل الخبر بأبي فكتب إليه:
مقيّر عينه ورعا ... أردت بذلك البدعا
خلعت وأخبث الثقلين صوفيّ إذا خلعا «1»
فخ الإسرائيلي والعصفورة:
يحيى بن عبد العزيز قال: حدّثني نعيم عن إسماعيل، رجل من ولد أبي بكر الصديق، عن وهب بن منبه، قال: نصب رجل من بني إسرائيل فخّا فجاءت عصفورة فوقعت عليه، فقالت: مالي أراك منحنيا؟ قال: لكثرة صلاتي انحنيت قالت: فمالي أراك بادية عظامك؟ قال: لكثرة صيامي بدت عظامي! قالت: فمالي أرى هذا الصوف عليك؟ قال: لزهادتي في الدنيا لبست الصوف! قالت: فما هذه العصا عندك؟ قال: أتوكأ عليها وأقضي بها حوائجي. قالت: فما هذه الحبة في يديك؟ قال: قربان إن مرّ بي مسكين ناولته إياه! قالت: فإني مسكينة! قال:
فخذيها. فقبضت على الحبة فإذا الفخ في عنقها! فجعلت تقول: قعي قعي! قال:
الخشني: تفسيره: لا غرني ناسك مراء بعدك أبدا.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید