المنشورات

الدعاء

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «الدعاء سلاح المؤمن» .
وقال: «الدعاء يردّ القدر والبرّ يزيد في العمر» .
وقال: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يردّ» .
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «استقبلوا البلاء بالدعاء» .
وقال الله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
«2» .
وقال تعالى: فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ
«3» .
وقال عبد الله بن عباس: إذا دعوت الله فاجعل في دعائك الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم؛ فإن الصلاة عليه مقبولة، والله أكرم من أن يقبل بعض دعائك ويردّ بعضا.
وقال سعيد بن المسيب: كنت جالسا بين القبر والمنبر، فسمعت قائلا يقول: اللهم إني أسألك عملا بارّا، ورزقا دارّا، وعيشا قارّا. فالتفتّ فلم أر أحدا.
لعائشة في النبي صلّى الله عليه وسلم:
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كنت نائمة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان، فلما لصق جلدي بجلده أغفيت؛ ثم انتبهت، فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليس عندي؛ فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة، فلففت مرطي «1» - أما والله ما كان خزّا ولا قزّا، ولا ديباجا، ولا قطنا ولا كتانا، قيل: فما كان يا أمّ المؤمنين؟
قالت: كان سداه من شعر، ولحمته من أوبار الإبل- قالت: فحنوت عليه أطلبه حتى ألفيته كالثوب الساقط على وجهه في الأرض وهو ساجد يقول في سجوده:
«سجد لك خيالي وسوادي، وآمن بك فؤادي؛ هذه يدي وما جنيت بها على نفس. ترجى لكلّ عظيم، فاغفر لي الذنب العظيم» فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إنك لفي شأن وإني لفي شأن. فرفع رأسه ثم عاد ساجدا فقال: «أعوذ بوجهك الذي أضاءت له السموات السبع والأرضون السبع، من فجأة نقمتك، وتحوّل عافيتك؛ ومن شر كتاب قد سبق؛ وأعوذ برضاك من سخطك، وبغفوك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» .
فلما انصرف من صلاته تقدمت أمامه حتى دخلت البيت ولي نفس عال، فقال:
مالك يا عائشة؟ فأخبرته الخبر، فقال: ويح هاتين الركبتين ما لقيتا في هذه الليلة! ومسح عليهما؛ ثم قال: أتدرين أي ليلة هذه يا عائشة؟ فقلت: الله ورسوله أعلم. فقال صلّى الله عليه وسلم: «هذه الليلة ليلة النّصف من شعبان، فيها تؤقت الآجال وتثبت الأعمال» .
ابن ذر ودعاء له:
العتبي عن أبيه قال: خرجت مع عمر بن ذرّ إلى مكة، فكان إذا لبّى لم يلبّ أحد من حسن صوته؛ فلما جاء الحرم قال يا رب، ما زلنا نهبط وهدة ونصعد أكمة، ونعلو نشرا، ويبدو لنا علم، حتى جئناك بها نقبة «1» أخفافها، دبرة «2» ظهورها، ذابلة أسنمتها؛ وليس أعظم المؤنة علينا إتعاب أبداننا، ولكن أعظم المؤنة علينا أن ترجعنا خائبين من رحمتك، يا خير من نزل به النازلون.
وكان آخر يدعو بعرفات: يا ربّ، لم أعصك إذ عصيتك جهلا مني بحقك، ولا استخفافا بعقوبتك؛ ولكن الثقة بعفوك، والاغترار بسترك المرخى عليّ، مع الشّقوة»
الغالبة والقدر السابق؛ فالآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أعتصم إن قطعت حبلك عني؟ فيا أسفي على الوقوف بين يديك، إذا قيل للمخفّين جوزوا، وللمذنبين حطوا.
لعروة بن الزبير في مناجاته:
أبو الحسن قال: كان عروة بن الزبير يقول في مناجاته بعد أن قطعت رجله ومات ابنه: كانوا أربعة- يعني بنيه- فأخذت واحدا وأبقيت ثلاثة؛ وكنّ أربعا- يعني يديه ورجليه- فأخذت واحدة وأبقيت ثلاثا؛ فلئن ابتليت لطالما عافيت، ولئن عاقبت لطالما أنعمت.
وكان داود إذا دعا في جوف الليل يقول: نامت العيون، وغارت النجوم وأنت حيّ قيوم: اغفر لي ذنبي العظيم، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم؛ إليك رفعت رأسي، نظر العبد الذليل إلى سيده الجليل.
وكان من دعاء يوسف: يا عدّتي عند كربتي، ويا صاحبي في غربتي، ويا غياثي عند شدتي، ويا رجائي إذا انقطعت حيلتي، اجعل لي فرجا ومخرجا.
وكان عبد الله بن ثعلبة البصري يقول: اللهم أنت من حلمك تعصى فكأنك لا ترى، وأنت من جودك وفضلك تعطى فكأنك لا تعصى، وأيّ زمان لم تعصك فيه سكان أرضك فكنت عليهم بالعفو عوّادا، وبالفضل جوادا.
وكان من دعاء عليّ بن الحسين رضي الله عنهما: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في مرأى العيون علانيتي، وتقبح في خفيّات القلوب سريرتي؛ اللهم كما أسأت فأحسنت إليّ ... فإذا عدت فعد عليّ، وارزقني مواساة من قتّرت عليه ما وسّعت عليّ.
دعاء لبعضهم:
الشيباني قال: أصاب الناس ببغداد ريح مظلمة، فانتهيت إلى رجل في المسجد وهو ساجد يقول في سجوده: اللهم احفظ محمدا في أمته، ولا تشمت بنا أعداءنا من الأمم؛ فإن كنت أخذت العوام بذنبي، فهذه ناصيتي بين يديك! وكان الفضيل بن عياض يقول: إلهي، لو عذبتني بالنار لم يخرج حبّك من قلبي، ولم أنس أياديك عندي في دار الدنيا! وقال عبد الله بن مسعود: اللهم وسع عليّ في الدنيا وزهّدني فيها، ولا تزوها «1» عني وترغّبني فيها.
أبو الدرداء ورجل في سجوده:
مرّ أبو الدرداء برجل يقول في سجوده: اللهم إني سائل فقير فأغنني من سعة فضلك، خائف مستجير فأجرني من عذابك.
الأصمعي قال: كان عطاء بن أبي رباح يقول في دعائه: اللهم ارحم في الدنيا غربتي، وعند الموت صرعتي، وفي القبور وحدتي، ومقامي غدا بين يديك.
ابن زياد وأبو بكر بن عبد الله:
العتبي قال: حدّثني عبد الرحمن بن زياد قال: اشتكى أبي فكتب إلى أبي بكر بن عبد الله يسأله أن يدعو له، فكتب إليه: حقّ لمن عمل ذنبا لا عذر له فيه، وخاف موتا لا بد له منه، أن يكون [وجلا] مشفقا؛ سأدعو لك ولست أرجو أن يستجاب لي بقوة في عمل، ولا براءة من ذنب.
من دعاء عبد الملك ابن مروان:
العتبي قال: كان عبد الملك بن مروان يدعو على المنبر: يا رب؛ إن ذنوبي قد كثرت وجلّت عن أن توصف، وهي صغيرة في جنب عفوك، فاعف عني.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید