المنشورات

أب في رثاء ابنه:

الأصمعي عن رجل من الأعراب قال: كنا عشرة إخوة، وكان لنا أخ يقال له حسن. فنعي إلى أبينا، فبقى سنتين يبكي عليه حتى كفّ بصره؛ وقال فيه:
أفلحت إن كان لم يمت حسن ... وكفّ عني البكاء والحزن
بل أكذب الله من نعى حسنا ... ليس لتكذيب قوله ثمن
أجول في الدار لا أراك وفي الدار أناس جوارهم غبن «3»
بدّلتهم منك ليت أنهم ... كانوا وبيني وبينهم مدن
قد علموا عند ما أنافرهم ... ما في قتالي صدع ولا أبن
قد جرّبوني فما ألاومهم ... ما زال بيني وبينهم إحن «4»
فقد برى الجسم مذ نعيت لنا ... كما برى فرع نبعة سفن «1»
فإن تعش فالمنى حياتك والخلد وأنت الحديث والوسن «2»
إن تحى تحي بخير عيش وإن ... تمض فتلك السبيل والسّنن
بريدك الحمد والسلام معا ... فكلّ حيّ بالموت مرتهن
يا ويح نفسي إن كنت في جدث ... دونك فيه التراب والكفن
عليّ لله إن لقيتك من ... قبل الممات الصيام والبدن
أسوقها حافيا مجلّلة ... أدما هجانا قد كظّها السّمن «3»
فلا نبالي إذا بقيت لنا ... من مات أو من أودى به الزمن
كنت جليلي وكنت خالصتي ... لكلّ حيّ من أهله سكن
لا خير لي في الحياة بعدك إن ... أصبحت تحت التراب يا حسن
وقال أعرابي يرثي ابنه:
ولما دعوت الصبر بعدك والأسى ... أجاب الأسى طوعا ولم يجب الصبر
فإن ينقطع منك الرجاء فإنه ... سيبقى عليك الحزن ما بقي الدهر
وقال أعرابي يرثي ابنه:
بنيّ لئن ضنّت جفون بمائها ... لقد قرحت مني عليك جفون «4»
دفنت بكفّي بعض نفسي فأصبحت ... وللنفيس منها دافن ودفين










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید