المنشورات

من رثى إخوته

لمتمم بن نويرة:
الرياشيّ قال: صلى متمّم بن نويرة الصبح مع أبي بكر الصدّيق رضي الله تعالى عنه، ثم أنشد:
نعم بالله إذا الرّياح تناوحت ... بين البيوت قتلت يابن الأزور
أدعوته بالله ثم قتلته ... لو هو دعاك بذمّة لم يغدر
لا يضمر الفحشاء تحت ردائه ... حلو شمائله عفيف المثزر
قال: ثم بكى حتى سالت عينه العوراء. قال أبو بكر: ما دعوته ولا قتلته. وقال متمم:
ومستضحك مني ادّعى كمصيبتي ... وليس أخو الشجو الحزين بضاحك
يقول أتبكي من قبور رأيتها ... لقبر بأطراف الّلوى فالدّكادك «1»
فقلت له إن الأسى يبعث الأسى ... فدعني فهذي كلّها قبر مالك «2»
وقال متمم يرثي أخاه مالكا، وهي التي تسمّى أمّ المراثي:
لعمري وما دهري بتأبين هالك ... ولا جزع مما ألّم فأوجعا «3»
لقد غيّب المنهال تحت ردائه ... فتى غير مبطان العشيات أروعا «4»
ولا برما تهدي النساء لعرسه ... إذا القشع من برد الشتاء تقعقعا «5»
تراه كنصل السيف يهتزّ للنّدى ... إذا لم تجد عند امريء السّوء مطعما
فعينيّ هلّا تبكيان لمالك ... إذا هزت الرّيح الكنيف المرفّعا
وأرملة تدعو بأشعث محثل ... كفرخ الحبارى ريشه قد تمزّعا «6»
وما كان وقّافا إذا الخيل أحجمت ... ولا طالبا من خشية الموت مفزعا
ولا بكهام سيفه عن عدوّه ... إذا هو لاقى حاسرا أو مقنّعا «1»
أبى الصبر آيات أراها وإنني ... أرى كلّ حبل بعد حبلك أقطعا
وإني متى ما أدع باسمك لم تجب ... وكنت حريّا أن تجيب وتسمعا
تحيته مني وإن كان نائيا ... وأمسى ترابا فوقه الأرض بلقعا
فإن تكن الأيام فرّقن بننا ... فقد بان محمودا أخى حين ودّعا
وعشنا بخير في الحياة وقبلنا ... أصاب المنايا رهط كسرى وتبّعا
وكنا كندمانى جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدّعا
فلما تفرقنا كأنّي ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
فما شارف حنّت حنينا ورجّعت ... أنينا فأبكى شجوها البرك أجمعا «2»
ولا وجد أظآر ثلاث روائم ... وأين مجرّا من حوار ومصرعا «3»
بأوجد مني يوم قام بمالك ... مناد فصيح بالفراق فأسمعا
سقى الله أرضا حلّها قبر مالك ... ذهاب الغوادي المدجنات فأمرعا «4»
قيل لعمرو بن بحر الجاحظ: إن الأصمعي كان يسمي هذا الشعر أم المراثي.
فقال: لم يسمع الأصمعي:
أيّ القلوب عليكم ليس ينصدع ... وأيّ نوم عليكم ليس يمتنع
وقال الأصمعي: لم يبتدىء أحد بمرثية بأحسن من ابتداء أوس بن حجر:
أيتها النفس أجملي جزعا ... إنّ الذي تحذرين قد وقعا
وبعدها قول زميل:
أجارتنا من يجتمع يتفرّق ... ومن يك رهنا للحوادث يغلق









مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید