المنشورات

الخنساء في أخويها:

قيل للخنساء: صفي لنا أخويك صخرا ومعاوية. فقالت: كان صخر والله جنة الزمان الأغبر، وذعاف الخميس الأحمر. وكان والله معاوية القائل والفاعل. قيل لها:
فأيهما كان أسنى وأفخر، قالت: أما صخر فحرّ الشتاء، وأما معاوية فبرد الهواء. قيل لها: فأيهما أوجع وأفجع. قالت: أما صخر فجمر الكبد، وأما معاوية فسقام الجسد! وأنشأت:
أسدان محمرّا المخالب نجدة ... بحران في الزّمن الغضوب الأنمر
قمران في النادي، رفيعا محتد ... في المجد فرعا سودد متخيّر «1»
وقالت الخنساء ترثي أخاها صخر بن الشريد:
أقذى بعينك أم بالعين عوّار ... أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدّار
كأنّ دمعي لذكراه إذا خطرت ... فيض يسيل على الخدّين مدرار
فالعين تبكي على صخر وحقّ لها ... ودونه من جديد الأرض أستار
بكاء والهة ضلّت أليفتها ... لها حنينان إصغار وإكبار «2»
ترعى إذا نسيت حتى إذا ادّكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار
وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار «3»
حامي الحقيقة، محمود الخليقة، مهديّ الطريقة، نفّاع وضرّار وقالت أيضا:
ألا ما لعيني، ألا مالها ... لقد أخضل الدّمع سربالها
أمن بعد صخر من ال الشريد حلّت به الأرض أثقالها
فآليت آسى على هالك ... وأسأل باكية مالها
وهمّت بنفسي كلّ الهموم ... فأولى لنفسي أولى لها
سأحمل نفسي على خطة ... فإمّا عليها وإمّا لها
وقالت أيضا:
أعينيّ جودا ولا تجمدا ... ألا تبكيان لصخر النّدى؟
ألا تبكيان الجريء الجواد ... ألا تبكيان الفتى السّيّدا؟
طويل النّجاد رفيع العما ... د، ساد عشيرته أمردا
يحمّله القوم ما غالهم ... وإن كان أصغرهم مولدا
جموع الضّيوف إلى بابه ... يرى أفضل الكسب أن يحمدا
وقالت أيضا:
فما أدركت كفّ امرىء متناول ... من المجد إلّا والذي نلت أطول
وما بلغ المهدون للمدح غاية ... ولا جهدوا إلّا الذي فيك أفضل
وما الغيث في جعد الثرى دمث الربا ... تبعّق فيها الوابل المتهلّل «1»
فأفضل سيبا من يديك ونعمة ... تجود بها، بل سيب كفّيك أجزل
من القوم مغشيّ الرواق كأنه ... إذا سيم ضيما خادر متبسّل «2»
شرنبث أطراف البنان ضبارم ... له في عرين الغيل عرس وأشبل «3»











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید