المنشورات

مهلبي من مرثيته للمتوكل:

لا حزن إلا أراه دون ما أجد ... وهل كمن فقدت عيناي مفتقد
لا يبعدن هالك كانت منيته ... كما هوى من عطاء الزّبية الأسد «4»
لا يدفع الناس ضيما بعد ليلتهم ... إذ لا تمدّ على الجاني عليك يد
لو أنّ سيفي وعقلي حاضران له ... أبليته الجهد إذ لم يبله أحد
هلا أتته أعاديه مجاهرة ... والحرب تسعر والأبطال تجتلد
فخرّ فوق سرير الملك منجدلا ... لم يحمه ملكه لمّا انقضى الأمد
قد كان أنصاره يحمون حوزته ... وللرّدى دون أرصاد الفتي رصد
وأصبح الناس فوضى يعجبون له ... ليثا صريعا تنزّى «1» حوله النقد «2»
علتك أسياف من لا دونه أحد ... وليس فوقك إلّا الواحد الضّمد
جاءوا لدنيا عظيم يسعدون بها ... فقد شقوا بالذي جاؤا وما سعدوا
ضجت نساؤك بعد العز حين رأت ... خداّ كريما عليه قارت جسد «3»
أضحى شهيد بني العباس موعظة ... لكلّ ذي عزّة في رأسه صيد «4»
خليفة لم ينل ما ناله أحد ... ولم يصغ مثله روح ولا جسد
كم في أديمك من فوهاء هادرة ... من الجوائف يغلي فوقها الزّبد «5»
إذا بكيت فإنّ الدمع منهمل ... وإن ونيت فإنّ القول مطّرد
قد كنت أسرف في مالي ويخلف لي ... فعلّمتني الليالي كيف أقتصد
لما اعتقدتم أناسا لا حلوم لهم ... ضعتم وضيّعتم من كان يعتقد
فلو جعلتم على الأحرار نعمتكم ... حمتكم السادة المركوزة الحشد
قوم هم الجذم والأنساب تجمعكم ... والمجد والدين والأرحام والبلد
قد وتّر الناس طراّ ثم قد صمتوا ... كأنما كان ما يتلونه رشد
إذا قريش أرادوا شدّ ملكهم ... بغير قحطان لم يبرح به أود
من الألى وهبوا للمجد أنفسهم ... فما ينالون ما نالوا إذا حمدوا
وقال آخر:
وفتى كأنّ جبينه بدر الدّجا ... قامت عليه نوادب وروامس
غرس الفسيل مؤمّلا لبقاية ... فنما الفسيل ومات عنه الغارس
وقال الأسود بن يعفر:
ماذا أؤمّل بعد آل محرّق ... تركوا منازلهم وبعد إياد
أهل الخورنق والسدير وبارق ... والقصر ذي الشرفات من سنداد «1»
نزلوا بأنقرة يسيل عليهم ... ماء الفرات يجيء من أطواد
جرت الرياح على محلّ ديارهم ... فكأنما كانوا على ميعاد
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة ... في ظلّ ملك ثابت الأوتاد
فإذا النعيم وكل ما يلهى به ... يوما يصير إلى بلى ونفاد
وقال عبيد بن الأبرص:
يا حار ما راح من قوم ولا ابتكروا ... إلا وللموت في آثارهم حادي
يا حار ما طلعت شمس ولا غربت ... إلا تقرّب آجالا لميعاد
هل نحن إلا كأرواح يمرّ بها ... تحت التراب وأجساد كأجساد











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید