المنشورات

الحجاج في ابن خارجة:

لما مات أسماء بن خارجة الفزّاري قال الحجاج: ذلك رجل عاش ما شاء، ومات حين شاء.
وقال فيه الشاعر:
إذا مات ابن خارجة بن زيد ... فلا مطرت على الأرض السماء
ولا جاء البريد بغنم جيش ... ولا حملت على الطّهر النساء
فيوم منك خير من رجال ... كثير عندهم نعم وشاء
وقال مسلم بن الوليد الأنصاري:
أمسعود هل غاداك يوم بفرحة ... وأمسيت لم تعرض لها التّرحات
وهل نحن إلا أنفس مستعارة ... تمرّ بها الرّوحات والغدوات
بكيت وأعطتك البكاء مصيبة ... مضت وهي فرد ما لها أخوات
كأنك فيها لم تكن تعرف العزا ... ولم تتعمد غيرك النّكبات
سقى الضاحك الوسميّ أعظم حفرة ... طواها الردي في اللّحد وهي رفات
أرى بهجة الدنيا رجيع دوائر ... لهنّ اجتماع مرة وشتات»
طوى أيدي المعروف مصرع مالك ... فهنّ عن الآمال منقبضات
وقال أيضا:
أما القبور فإنهن أوانس ... بجوار قبرك والديار قبور
عمّت فواضله وعمّ مصابه ... فالناس فيه كلهم مأجور
ردّت صنائعه إليه حياته ... فكأنه من نشرها منشور
وقال أشجع بن عمرو السّلمي يرثي منصور بن زياد:
يا حفرة الملك المؤمّل رفده ... ما في ثراك من النّدى والخير؟
لا زلت في ظلين ظلّ سحابة ... وطفاء دانية وظلّ حبور «2»
وسقى الوليّ على العهاد عراص ما ... والاك من قبر ومن مقور «3»
يا يوم منصور أبحت حمى النّدى ... وفجعته بوليّه المذكور
يا يومه ماذا صنعت بمرمل ... يرجو الغنى ومكبّل مأسور
يا يومه لو كنت جئت بنصحه ... فجمعت بين الحيّ والمقبور!
لله أوصال تقسّمها البلى ... في الّلحد بين صفائح وصخور
عجبا لخمسة أذرع في خمسة ... غطّت على جبل أشمّ كبير
من كان يملأ عرض كلّ تنوفة ... واراه جولا ملحد محفور «4»
ذلّت بمصرعه المكارم والنّدى ... وذباب كلّ مهنّد مأثور
أفلت نجوم بني زياد بعد ما ... طلعت بنور أهلّة وبدور
لولا بقاء محمد لتصدّعت ... أكبادنا أسفا على منصور
أبقى مكارم لا تبيد صفاتها ... ومضى لوقت حمامه المقدور
أصبحت مهجورا بحفرتك التي ... بدّلتها من قصرك المعمور
بليت عظامك والصفاح جديدة ... ليس البلى لفعالك المشهور
إن كنت ساكن حفرة فلقد ترى ... سكنا لعودي منبر وسرير
وقال يرثي محمد بن منصور:
أنعي فتى الجود إلى الجود ... ما مثل من أنعى بموجود
أنعي فتى مصّ الثرى بعده ... بقية الماء من العود
فانثلم المجد به ثلمة ... جانبها ليس بمسدود
أنعي ابن منصور إلى سيّد ... وأيّد ليس برعديد «1»
وأشعث يسعى على صبية ... مثل فراخ الطير مجهود
وطارق أعيا عليه القرى ... ومسلم في القيد مصفود
اليوم تخشى عثرات النّدى ... وعدوة البخل على الجود
أورده حوضا عظيم الشأى ... في المجد يوم غير محمود
كلّ امرىء يجري إلى مدّة ... وأجل قد خطّ معدود
سينطق الشعر بأيامه ... على لسان غير معقود
فكلّ مفقود إلى جنبه ... وإن تعالى غير مفقود
يا وافدي قومهما إنّ من ... طلبتما تحت الجلاميد
طلبتما الجود وقد ضمّه ... محمد في بطن ملحود
فاتكما الموت بمعروفه ... وليس ما فات بمردود
يا عضدا للمجد مفتوقة ... وساعدا ليس بمعضود
أوهن زنديها وأكباهما ... قرع المنايا في العناديد «2»
وهدّت الركن الذي كان بال ... أمس عمادا غير مهدود










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید