المنشورات

أبو محمد التّيميّ في يزيد بن مزيد:

أحقا أنه أودى يزيد ... فبيّن أيها الناعي المشيد «1»
أتدري من نعيت وكيف فاهت ... به شفتاك وارك الصعيد «2»
أحامي الملك والإسلام أودى ... فما للأرض ويحك لا تميد
تأمّل هل ترى الإسلام مالت ... دعائمه وهل شاب الوليد
وهل شيمت سيوف بني نزار ... وهل وضعت عن الخيل اللّبود «3»
وهل تسقي البلاد عشار مزن ... بدرتها وهل يخضرّ عود
أما هدّت لمصرعه نزار ... بلى، وتقوّض المجد المشيد
وحلّ ضريحه إذ حلّ فيه ... طريف المجد والمجد التليد
وهدّ العزّ والإسلام لمّا ... ثوى وخليفة الله الرشيد
لقد أوفى ربيعة كلّ نحس ... لمهلكه وغيّبت السّعود
وأنصلت الأسنّة من قناها ... وأشرعت الرّماح لمن يكيد
نعيّ يزيد إن لم يبق بأس ... غداة مضى وإن لم يبق جود
نعيّ أبي الزّبير لكلّ يوم ... عبوس الوجه زينته الحديد
أأودى عصمة البادي يزيد ... وسيف الله والغيث الحميد «4»
فمن يحمي حمى الإسلام أم من ... يذبّ عن المكاره أو يذود
ومن يدعو الأنام لكلّ خطب ... يخاف وكلّ معضلة تؤود «1»
ومن تجلى به الغمرات أم من ... يقوم بها إذا اعوجّ العتود
ومن يحمي الخميس إذا تعايا ... بحيلة نفسه البطل النّجيد «2»
وأين يؤمّ منتجع ولاج ... وأين تحطّ أرحلها الوفود
لقد رزئت نزار يوم أودى ... عميدا ما يقاس به عميد
فلو قبل الفداء فداه منّا ... بمهجته المسوّد والمسود
أبعد يزيد تختزن البواكي ... دموعا أو تصان لها خدود
أما بالله لا تنفكّ عيني ... عليه بدمعها أبدا تجود
وإن تجمد دموع لئيم قوم ... فليس لدمع ذي حسب جمود
وإن يك غاله حسب فأودى ... لقد أودى وليس له نديد
وإن يعثر به دهر لما قد ... يفادي من مخافته الأسود
وإن يهلك يزيد فكلّ حيّ ... فريس للمنيّة أو طريد
فإن يك عن خلود قد دعته ... مآثره فكان لها الخلود
فما أودى امرؤ أودى وأبقى ... لوارثه مكارم لا تبيد
ألم تعلم أخي أنّ المنايا ... غدرن به وهنّ له جنود
قصدن له وكنّ يحدن عنه ... إذا ما الحرب شبّ لها الوقود
فهلا يوم يقدمها يزيد ... إلى الأبطال والخيلان حيد
ولو لاقى الحتوف على سواء ... للاقاها به حتف عنيد
أضرّاب الفوارس كلّ يوم ... ترى فيه الحتوف لها وعيد
فمن يرضي القواطع والعوالي ... إذا ما هزها فرع شديد
لتبكك قبة الإسلام لمّا ... وهت أطنابها ووهى العمود
ليبكك مرهق يتلوه خيل ... إبالة وهو مجدول وحيد «3»
ويبكك خامل ناداك لمّا ... تواكله الأقارب والبعيد
ويبكك شاعر لم يبق دهر ... له نشأ وقد كسد القصيد
تركت المشرفية والعوالي ... محلّاة وقد حان الورود «1»
وغادرت الجياد بكلّ لغز ... عواطل بعد زينتها ترود «2»
فإن تصبح مسلّمة فمّما ... تفيد بها الجزيل وتستفيد
ألم تك تكشف الغمرات عنها ... عوابس والوجوه البيض سود
أصيب المجد والإسلام لما ... أصابك بالردى سهم شديد
لقد عزّى ربيعة أنّ يوما ... عليها مثل يومك لا يعود
ومثلك من قصدن له المنايا ... بأسهمها وهنّ له جنود
فيا للدهر ما صنعت يداه ... كأنّ الدهر منها مستفيد
سقى جدثا أقام به يزيد ... من الوسميّ بسّام رعود
فإن أجزع لمهلكه فاني ... على النّكبات إذ أودى جليد
ليذهب من أراد فلست آسى ... على من مات بعدك يا يزيد
وقال مروان بن أبي حفصة يرثي معن بن زائدة:
زار ابن زائدة المقابر بعد ما ... ألقت إليه عرى الأمور نزار
إن القبائل من نزار أصبحت ... وقلوبها أسفا عليه حرار
ودّت ربيعة أنها قسمت له ... منها فعاش بشطرها الأعمار
فلأبكينّ فتى ربيعة ما دجا ... ليل بظلمته ولاح نهار
لا زال قبر أبي الوليد تجوده ... بعهادها وبوبلها الأمطار
قبر يضم مع الشجاعة والنّدى ... حلما يخالطه تقى ووقار
إن الرزيّة من ربيعة هالك ... ترك العيون دموعهنّ غزار
رحب السّرادق والضّياء جبينه ... كالبدر شقّ ضياءه الإسفار
لهفا عليك إذا الطّعان بمارق ... ترك القنا وطوالهنّ قصار «1»
خلّى الأعنّة يوم مات مشيّع ... بطل اللقاء مجرّب مغوار «2»
يمسي ويصبح معلما تذكى به ... نار بمعترك وتخمد نار
مهما يمرّ فليس يرجو نقضه ... أحد وليس لنقضه إمرار «3»
لو كان خلفك أو أمامك هائبا ... أحدا سواك لهابك المقدار
وقال يرثيه:
بكى الشام معنا يوم خلّى مكانه ... فكادت له أرض العراقين ترجف
ثوى القائد الميمون والذّائد الذي ... به كان يرمى الجانب المتخوّف
أتى الموت معنا وهو للعرض صائن ... وللمجد مبتاع وللمال متلف
وما مات حتى قلّدته أمورها ... ربيعة والحيّان قيس وخندف
وحتى فشا في كلّ شرق ومغرب ... أياد له بالضّرّ والنفع تعرف
وكم من يد عندي لمعن كريمة ... سأشكرها ما دامت العين تطرف
بكته الجياد الأعوجيّة إذ ثوى ... وحنّ مع النّبع الوشيج المثقّف «4»
وقد غنيت ريح الصّبا في حياته ... قبولا فأمست وهي نكباء حرجف «5»
وقال أبو الشيص يرثي هارون الرشيد ويمدح ابنه محمد بن زبيدة الأمين:
جرت جوار بالسعد والنحس ... فنحن في وحشة وفي أنس
العين تبكي والسّنّ ضاحكة ... فنحن في مأتم وفي عرس
يضحكنا القائم الأمين ويبكينا وفاة الإمام بالأمس بدران بدر أضحى ببغداد في الخلد وبدر بطوس في الرّمس «6» وأنشد العتبي:
والمرء يجمع ماله مستهترا ... فرحا وليس بآكل ما يجمع
وليأتينّ عليك يوما مرة ... يبكي عليك مقنّعا لا تسمع
وقال حارثة بن بدر الغداني يرثي زياد بن ظبيان:
صلى الإله على قبر وطهّره ... عند الثّويّة يسفي فوقه المور «1»
زفّت إليه قريش نعش سيدها ... فثمّ كلّ التّقى والبرّ مقبور
أبا المغيرة والدّنيا مغيّرة ... وإنّ من غرّت الدنيا لمغرور
قد كان عندك للمعروف معرفة ... وكان عندك للتنكير تنكير
لو خلّد الخير والإسلام ذا قدم ... إذا لخلّدك الإسلام والخير
قد كنت تخشى وتعطي المال من سعة ... إن كان بيتك أضحى وهو مهجور









مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید