المنشورات

مهلك المنصور:

لما هلك أمير المؤمنين المنصور، قدمت وفود الأمصار على أمير المؤمنين المهدي، وقدم فيهم أبو العيناء المحدّث؛ فتقدم إلى التعزية فقال: آجر الله أمير المؤمنين على أمير المؤمنين قبله، وبارك لأمير المؤمنين فيما خلفه له؛ فلا مصيبة أعظم من مصيبة إمام والد، ولا عقبى أفضل من خلافة الله على أوليائه؛ فاقبل من الله أفضل العطية،واصبر له على أعظم الرزيّة.
ولما مات معاوية بن أبي سفيان، ويزيد غائب؛ صلى عليه الضحاك بن قيس الفهري، ثم قدم يزيد من يومه ذلك؛ فلم يقدم أحد على تعزيته حتى دخل عليه عبد الله بن همام السلولي، فقال:
اصبر يزيد فقد فارقت ذا مقة ... واشكر حباء الذي بالملك حاباكا
لا رزء أعظم في الأقوام قد علموا ... ممّا رزئت ولا عقبى كعقباكا
أصبحت راعي أهل الأرض كلّهم ... فأنت ترعاهم والله يرعاكا
وفي معاوية الباقي لنا خلف ... إذا نعيت ولا نسمع بمنعاكا
فافتتح الخطباء الكلام.
عزى شبيب بن شبة المنصور على أخيه أبي العباس فقال: جعل الله ثواب ما رزئت به لك أجرا، وأعقبك عليه صبرا، وختم ذلك لك بعافية تامة، ونعمة عامة؛ فثواب الله خير لك منه، وما عند الله خير له منك، وأحق ما صبر عليه ما ليس إلى تغييره سبيل.
وكتب إبراهيم بن إسحاق إلى بعض الخلفاء يعزّيه: إن أحق من عرف حقّ الله فيما أخذ منه، من عرف نعمته فيما أبقى عليه. يا أمير المؤمنين، إن الماضي قبلك هو الباقي لك، والباقي بعدك هو المأجور فيك، وإن النعمة على الصابرين فيما ابتلوا به أعظم منها فيما يعافون منه.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید