المنشورات

فضل قريش

قال النبي عليه السّلام: «الأئمّة من قريش» . وقال: «قدموا قريشا ولا تقدموها» :
ولما قتل النضر بن الحارث بن كلدة بن عبد مناف، قال: «لا يقتل قرشيّ صبرا بعد اليوم» ، يريد أنه لا يكفر قرشي فيقتل صبرا بعد هذا اليوم.
معاوية وأصحابه:
الأصمعي قال: قال معاوية: أي الناس أفصح؟ فقال رجل من السماط: يا أمير المؤمنين، قوم ارتفعوا عن رتّة العراق، وتياسروا عن كشكشة «1» بكر، وتيامنوا عن شنشنة «2» تغلب، ليست فيهم غمغمة «3» قضاعة، ولا طمطمانية «4» حمير. قال: من هم؟
قال: قومك يا أمير المؤمنين، [قريش] . قال: صدقت! فمن أنت؟ قال: من جرم. 
قال الأصمعي: جرم فصحاء العرب.
ابن عتبة وابن عمير:
قدم محمد بن عمير بن عطارد في نيف وسبعين راكبا، فاستزارهم عمرو بن عتبة، قال: فسمعته يقول: يا أبا سفيان، ما بال العرب تطيل كلامها وأنتم تقصرونه معاشر قريش؟ فقال عمرو بن عتبة: بالجندل يرمى الجندل، وإن كلامنا كلام يقل لفظه ويكثر معناه، ويكتفي بأولاه ويستشفى بأخراه، يتحدر تحدر الزلال على الكبد الحرّى، ولقد نقصوا وأطال غيرهم فما أخلّوا، ولله أقوام أدركتهم كأنما خلقوا لتحسين ما قبّحت الدنيا، سهلت ألفاظهم كما سهلت عليهم أنفاسهم، فابتذلوا أموالهم، وصانوا أعراضهم، حتى ما يجد الطاعن فيهم مطعنا، ولا المادح مزيدا، ولقد كان آل أبي سفيان مع قلتهم كثيرا منه نصيبهم، ولله در مولاهم حيث يقول:
وضع الدهر فيهم شفرتيه ... فمضى سالما وأمسوا شعوبا
شفرتان والله أفنتا أبدانهم، وأبقتا أخبارهم، فتركناهم حديثا حسنا في الدنيا، ثوابه في الآخرة أحسن، وحديثا سيئا في الدنيا، ثوابه في الآخرة أسوأ، فيا موعوظا بمن قبله موعوظا به من بعده، اربح نفسك إذا خسرها غيرك.
قال: فظننت أنه إن أراد أن يعلمه أن قريشا إذا شاءت أن تتكلم تكلمت.
ابن عتبة وقرشيون تشاحوا:
العتبي قال: شهدت مجلس عمرو بن عتبة وفيه ناس من القرشيين، فتشاحّوا في مواريث وتجاحدوا، فلما قاموا من عنده أقبل علينا فقال: إنّ لقريش درجا تزلق عنها أقدام الرجال، وأفعالا تخضع لها رقاب الأقوال، وغايات تقصر عنها الجياد المنسوبة، وألسنة تكلّ عنها الشفار المشحوذة؛ ولو احتفلت الدنيا ما تزيّنت إلا بهم، ولو كانت لهم ضاقت عن سعة أخلاقهم؛ وإنّ قوما منهم تخلقوا بأخلاق العوام فصار لهم رفق باللؤم، وخرق في الحرص ولو أمكنهم لقاسموا الطير في أرزاقها؛ إن خافوا مكروها تعجّلوا له الفقر؛ وإن عجّلت لهم النعم أخروا عنها الشكر، أولئك أنضاء فكرة الفقر، وعجزة حملة الشكر.
محمد بن الفضل وقوم:
قال أبو العيناء الهاشمي: جرى بين محمد بن الفضل وبين قوم من أهل الأهواز كلام، فلما أصبح رجع عنه؛ فقالوا له: ألم تقل أمس كذا وكذا؟ قال: تختلف الأقوال إذا اختلفت الأحوال.
بينه وبين والى الأهواز:
ودخل محمد بن الفضل على والي الأهواز فسمعه يقول: إذا كان الحق استوى عندي الهاشمي والنبطي. فقال محمد بن الفضل: لئن استوت حالاتهما عندك فما ذلك بزائد النبطي زينة ليست له، ولا ناقص الهاشمي قدرا هو له، وإنما يلحق النقص المسوي بينهما!.
لابن عتبة ينصح قرشيين:
العتبي قال: قال عمرو بن عتبة: اختصم قوم من قريش عند معاوية فمنعوا الحق، فقال معاوية: يا معشر قريش، ما بال القوم لأمّ يصلون بينهم ما انقطع، وأنتم لعلّات «1» تقطعون بينكم ما وصل الله، وتباعدون ما قرب؟ بل كيف ترجون لغيركم وقد عجزتم عن أنفسكم؟ تقولون كفانا الشرف من قبلنا؛ فعندها لزمتكم الحجة؛ فاكفوه من بعدكم كما كفاكم من قبلكم، أو تعلمون أنكم كنتم رقاعا في جنوب العرب، وقد أخرجتم من حرم ربّكم، ومنعتم ميراث أبيكم وبلدكم، وأخذ لكم ما أخذ منكم؛ وسماكم باجتماعكم اسما به أبانكم من جميع العرب، وردّ به كيدّ العجم، فقال جل ثناؤه: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ
«2» فارغبوا في الائتلاف أكرمكم الله به، فقد حذرتكم الفرقة نفسها، وكفى بالتجربة واعظا.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید