المنشورات

علماء النسب

أبو بكر وابن المسيب:
كان أبو بكر رضي الله عنه نسابة، وكان سعيد بن المسيّب نسابة، وقال له رجل:
أريد أن تعلمني النسب، قال: إنما تريد أن تساب الناس.
أبو بكر وبعض القبائل:
عكرمة عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب قال: لما أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على القبائل، خرج مرة وأنا معه وأبو بكر، حتى رفعنا إلى مجلس من مجالس العرب، فتقدم أبو بكر فسلم. قال عليّ: وكان أبو بكر مقدّما في كل خير، وكان رجلا نسابة. فقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة. قال: وأي ربيعة أنتم، أمن هامتها [أم من لهازمها] ؟ قالوا: من هامتها العظمى. قال: وأيّ هامتها العظمى أنتم؟ قالوا: ذهل الأكبر. قال أبو بكر: فمنكم عوف بن محلم الذي يقال فيه: لا حرّ بوادي عوف؟ قالوا: لا؛ قال: فمنكم جساس بن مرة الحامي الذمار، والمانع الجار؟
قالوا: لا. قال: فمنكم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا: لا. قال: فمنكم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لا. قال أبو بكر: فلستم ذهلا الأكبر، أنتم ذهل الأصغر.
فقام إليه غلام من شيبان حين بقل «1» وجهه، يقال له دغفل، فقال:
إنّ على سائلنا أن نسأله ... والعبء لا تعرفه أو تحمله
يا هذا، إنك قد سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا، فممن الرجل؟ قال أبو بكر: من قريش؟ قال: بخ بخ! أهل الشرف والرياسة؛ فمن أي قريش أنت؟ قال:
من ولد تيم بن مرة. قال: أمكنت والله الرامي من سواء الثّغرة. «2» أفمنكم قصّي بن كلاب الذي جمع القبائل فسمي مجمّعا؟ قال: لا. قال: أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون «3» عجاف؟ قال: لا. قال: فمنكم شيبة الحمد، عبد المطلب، مطعم طير السماء، الذي وجهه كالقمر في الليلة الظلماء؟ قال: لا. قال: فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل السقاية أنت؟ قال: لا.
فاجتذب أبو بكر زمام الناقة، ورجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فقال الغلام:
صادف درّ السيل درّا يدفعه ... يهيضه حينا وحينا يصدعه
قال: فتبسم النبي عليه السّلام؛ قال عليّ: فقلت له: وقعت يا أبا بكر من الأعرابي على بائقة. «4» قال: أجل: قال: ما من طامة إلا وفوقها أخرى، والبلاء موكل بالمنطق والحديث ذو شجون.
دغفل وقوم من الأنصار:
قال ابن الأعرابي: بلغني أن جماعة من الأنصار وقفوا على دغفل النسابة بعد ما كفّ، فسلموا عليه، فقال: من القوم؟ قالوا: سادة اليمن. فقال: من أهل مجدها القديم، وشرفها العميم، كندة؟ قالوا: لا. قال: فأنتم الطوال قصبا الممحّضون نسبا، بنو عبد المدان؟ قالوا: لا. قال: فأنتم أقودها للزحوف، وأخرقها للصفوف، وأضربها بالسيوف، رهط عمرو بن معد يكرب؟ قالوا: لا. قال: فأنتم أحضرها قراء، وأطيبها فناء، وأشدها لقاء رهط حاتم بن عبد الله [الطائي] ؟ قالوا: لا. قال:
فأنتم الغارسون للنخل، والمطعمون في المحل، والقائلون بالعدل، الأنصار؟ قالوا:
نعم.
ابن شيبان وقوم من العرب:
مسلمة بن شبيب، عن المنقرى، قال: ذكروا أن يزيد بن شيبان بن علقمة بن زرارة بن عدس قال: خرجت حاجا، حتى إذا كنت بالمحصب من منى إذا رجل على راحلة معه عشرة من الشباب، مع كل رجل منهم محجن، ينحّون الناس عنه ويوسّعون له؛ فلما رأيته دنوت منه؛ فقلت: ممّن الرجل؟ قال: رجل من مهرة، ممن يسكن الشّحر. «1»
قال: فكرهته ووليت عنه، فناداني من ورائي: مالك؟ فقلت:
لست من قومي ولست تعرفني ولا أعرفك. قال: إن كنت من كرام العرب فسأعرفك. قال: فكررت عليه راحلتي، فقلت: إني من كرام العرب. قال: فممن أنت؟ قلت: من مضر. قال: فمن الفرسان أنت أم من الأرحاء؟ فعلمت أنه أراد بالفرسان قيسا، وبالأرحاء خندفا؛ فقلت: بل من الأرحاء. قال: أنت امرؤ من خندف؟ قلت: نعم. قال: من الأرنبة أنت أم من الجماجم؟ فعلمت أنه أراد بالأرنبة خزيمة، وبالجمجمة بني أد بن طابخة؛ قلت: بل من الجمجمة. قال: فأنت امرؤ من بني أد بن طابخة؟ قلت: أجل: قال: فمن الدواني أنت أم من الصميم؟ قال: فعلمت أنه أراد بالدواني الرباب ومزينة، وبالصميم بني تميم؛ قلت: من الصميم. قال: فأنت إذا من بني تميم. قلت: أجل. قال: فمن الأكثرين ولد زيد مناة، وبالأقلين ولد الحارث، وبإخوانهم الآخرين بني عمرو بن تميم؛ قلت: من الأكثرين، قال: فأنت إذا من ولد زيد، قلت: أجل؛ قال: فمن البحور أنت أم من الجدود «1» أم من الثماد؟ «2» فعلمت أنه أراد بالبحور بني سعد، وبالجدود بني مالك بن حنظلة، وبالثماد بني امريء القيس بن زيد؛ قلت: بل من الذرى. قال: فأنت من مالك بن حنظلة. قلت:
أجل. قال: فمن اللهاب «3» أنت أم من الشعاب أم من اللصاب؟ «4» فعلمت أنه أراد باللهاب مجاشعا، وبالشعاب نهشلا، وباللصاب بني عبد الله بن دارم؛ فقلت له: من اللصباب. قال: فأنت من بني عبد الله بن دارم؟ قلت: أجل. قال: فمن البيوت أنت أم من الزّوافر؟ فعلمت أنه أراد بالبيوت ولد زرارة، وبالزوافر الأحلاف؛ قلت:
من البيوت. قال: فأنت يزيد بن شيبان بن علقمة بن زرارة بن عدس، وقد كان لأبيك امرأتان، فأيهما أمّك؟.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید