المنشورات

تفسير الأرحاء والجماجم

وقال أبو عبيدة في التاج: كانت أرحاء العرب ستا، وجماجمها ثمانيا، فالأرحاء الست، بمضر منها اثنتان، ولربيعة اثنتان، ولليمن اثنتان، واللتان في مضر: تيم بن مرة، وأسد بن خزيمة، واللتان في اليمن: كلب بن وبرة، وطيء بن أدد.
وإنما سميت هذه أرحاء، لأنها أحرزت دورا ومياها لم يكن للعرب مثلها، ولم تبرح من أوطانها، ودارت في دورها كالأرحاء على أقطابها، إلا أن ينتجع بعضها في البرحاء وعام الجدب، وذلك قليل منهم.
وقيل للجماجم جماجم، لأنها يتفرع من كل واحدة منها قبائل اكتفت بأسمائها دون الانتساب إليها، فصارت كأنها جسد قائم وكل عضو منها مكتف باسمه معروف بموضعه.
والجماجم ثمان: فاثنتان منها في اليمن، واثنتان في ربيعة، وأربع في مضر فالأربع التي في مضر: اثنتان في قيس، واثنتان في خندف، ففي قيس: غطفان وهوازن، وفي خندف: كنانة وتميم، والتي في ربيعة: بكر بن وائل وعبد القيس بن أفصى، والتي في اليمن: مذحج- وهو مالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ- وقضاعة بن مالك ابن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ.
ألا ترى أن بكرا وتغلب ابني وائل قبيلتان متكافئتان في العد والعدد؟ فلم يكن في تغلب رجال شهرت أسماؤهم حتى انتسب إليهم واجتزىء «1» بهم عن تغلب، فإذا سألت الرجل من بني تغلب لم يجتزىء حتى يقول تغلبي. ولبكر رجال قد اشتهرت أسماؤهم حتى كانت مثل بكر، فمنها شيبان وعجل ويشكر وقيس وحنيفة وذهل.
ومثل ذلك عبد القيس، ألا ترى أن عنزة فوقها في النسب ليس بينها وبين ربيعة إلا أب واحد، عنزة بن أسد بن ربيعة، فلا يجتزىء الرجل منهم إذا سئل أن يقول:
عنزي؟.
والرجل من عبد القيس ينسب شيبانيا وجرميا وبكريا.
ومثل ذلك أن ضبة بن أدعم تميم لا يجتزىء الرجل منهم أن يقول: ضبيّ.
والتميمي قد ينسب فيقول: منقري، وهجيمي، وطهويّ، ويربوعيّ ودارميّ، وكلبيّ.
وكذلك الكناني ينسب فيقول: لبثيّ، ودؤليّ، وضمري، وفراسي، وكل ذلك مشهور معروف.
وكذلك الغطفاني ينسب فيقول: عبسي، وذبياني، وفزاري، ومري، وأشجعي، وبغيضي.
وكذلك هوازن منها: ثقيف، والأعجاز، وعامر بن صعصعة، وقشير، وعقيل، وجعدة.
وكذلك القبائل من يمن التي ذكرنا.
فهذا فرق ما بين الجماجم وغيرها من القبائل، والمعنى الذي به سمّيت جماجم.
وجمرات العرب أربعة، وهم: بنو نمير بن عامر بن صعصعة، وبنو الحرث بن كعب، وبنو ضبة، وبنو عبس بن بغيض، وإنما قيل لها الجمرات لاجتماعهم، والجمرة:
الجماعة، والتجمير: التجميع.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید