المنشورات

لأعراب في الاستطعام

معن بن زائدة وأعرابي:
قدم أعرابي من بني كنانة على معن بن زائدة وهو باليمن، فقال: إني والله ما أعرف سببا بعد الإسلام والرحم أقوى من رحلة مثلي من أهل السن والحسب إليك من بلاده، بلا سبب ولا وسيلة إلا دعاءك إلى المكارم، ورغبتك في المعروف؛ فإن رأيت أن تضعني من نفسك بحيث وضعت نفسي من رجائك فافعل. فوصله وأحسن إليه.
لأعرابي
: الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: وقف أعرابي على قوم فقال: إنا- رحمكم الله- أبناء سبيل، وأنضاء طريق وفلّال «1» سنة؛ رحم الله امرأ أعطى عن سعة، وواسى من كفاف. فأعطاه رجل درهما، فقال: آجرك الله من غير أن يبتليك.
لآخر
: ووقف أعرابي بقوم فقال: يا قوم، تتابعت علينا سنون جماد شداد، لم يكن للسماء فيها رجع، ولا للأرض فيها صدع، فنضب العدّ، ونشف الوشل، وأمحل الخصب، وكلح الجدب، وشف المال، وكسف البال، وشظف المعاش، وذهب الرياش؛ وطرحتني الأيام إليكم غريب الدار، نائي المحل، ليس لي مال أرجع إليه، ولا عشيرة ألحق بها؛ فرحم الله امرأ رحم اغترابي، وجعل المعروف جوابي.
المهدي في الطواف:
خرج المهدي يطوف بعد هدأة من الليل، فسمع أعرابية من جانب المسجد وهي تقول: قوم معوزون، نبت عنهم العيون، وفدحتهم الديون، وعضتهم السنون؛ باد رخالهم «1» ، وذهبت أموالهم، أبناء سبيل، وأنضاء طريق، وصية الله ووصية رسوله صلّى الله عليه وسلم، فهل من آمر بخير، كلأه الله في سفره، وخلفه في أهله؟ فأمر نصيرا الخادم، فدفع إليها خمسمائة درهم.
خزيمة في إبل أغير عليها:
الأصمعي قال: أغير على إبل خزيمة، فركب بحيرة»
، فقيل له: أتركب حراما؟ قال: يركب الحرام من لا حلال له.
وقال أعرابي:
بين عتبة بن أبي سفيان وأعرابي:
يا ليت لي نعلين من جلد الضّبع ... كلّ الحذاء يحتذي الحافي الوقع «3»
أبو الحسن قال: اعترض أعرابي لعتبة بن أبي سفيان وهو على مكة فقال: أيها الخليفة. قال: لست به ولم تبعد. قال: فيا أخاه! قال: اسمعت فقل. قال: شيخ من بني عامر يتقرب إليك بالعمومة ويختص بالخئولة، ويشكو إليك كثرة العيال، ووطأة الزمان، وشدة فقر، وترادف ضر، وعندك ما يسعه ويصرف عنه بؤسه فقال عتبة أستغفر الله منك، وأستعينه عليك، قد أمرت لك بغناك، فليت إسراعنا إليك يقوم بإبطائنا عنك.
وسأل أعرابي فقال: رحم الله مسلما لم تمجّ أذناه كلامي، وقدم لنفسه معاذا من مقامي، فإن البلاد مجدية، والدار مضيعة، والحياء زاجر يمنع من كلامكم، والعدم عاذر يدعو إلى إخباركم؛ والدعاء إحدى الصدقتين، فرحم الله امرأ يمير وداعيا يجير.
فقال له بعض القوم: ممن الرجل؟ فقال: ممن لا تنفعكم معرفته، ولا تضركم جهالته.
ذلّ الاكتساب، يمنع من عز الانتساب.
أعرابي أغير على إبله:
العتبي قال: قدم علينا أعرابي في فشّاش «1» ، قد أطردت «2» الّلصاص إبله، فجمعت له شيئا من أهل المسجد، فلما دفعت إليه الدراهم أنشأ يقول:
لا والذي أنا عبد في عبادته ... لولا شماتة أعداء ذوي إحن
ما سرّني أنّ إبلي في مباركها ... وأنّ أمرا قضاه الله لم يكن
أخذ هذا المعنى بعض المحدثين فقال:
لولا شماتة أعداء ذوي حسد ... وأن أنال بنفعي من يرجّيني
لما خطبت إلى الدّنيا مطالبها ... ولا بذلت لها عرضي ولا ديني
لكن منافسة الأكفاء تحملني ... على أمور أراها سوف ترديني
وقد خشيت بأن أبقى بمنزلة ... لا دين عندي ولا دنيا تواتيني
بين خالد القسري وأعرابي:
العتبي قال: دخل أعرابي على خالد بن عبد الله القسري، فلما مثل بين يديه أنشأ يقول:
أصلحك الله قلّ ما بيدي ... فما أطيق العيال إذ كثروا
أناخ دهر ألقى بكلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا
قال: أرسلوك وانتظروا؟ والله لا تجلس حتى تعود إليهم بما يسرهم! فأمر له بأربعة أبعرة موقورة «3» برّا وتمرا وخلع عليه.
ابن طوق وأعرابي:
الشيباني قال: أقبل أعرابي إلى مالك بن طوق، فأقام بالرحبة حينا، وكان الأعرابي من بني أسد صعلوكا في عباءة صوف وشملة شعر، فكلما أراد الدخول منعه الحجاب، وشتمه العبيد، وضربه الأشراط؛ فلما كان في بعض الأيام خرج مالك بن طوق يريد التنزه حول الرحبة، فعارضه الأعرابي، فضربوه ومنعوه، فلم يثنه ذلك حتى أخذ بعنان فرسه، ثم قال: أيها الأمير، إني عائذ بالله من أشراطك هؤلاء! فقال مالك: دعوا الأعرابي؛ هل من حاجة يا أعرابي؟ قال: نعم أصلح الله الأمير؛ أن تصغى إليّ بسمعك، وتنظر إليّ بطرفك، وتقبل إليّ بوجهك. قال: نعم. فأنشأ الأعرابي يقول:
ببابك دون الناس أنزلت حاجتي ... وأقبلت أسعى حوله وأطوف
ويمنعني الحجّاب والسّتر مسبل ... وأنت بعيد والشروط صفوف «1»
يدورون حولي في الجلوس كأنهم ... ذئاب جياع بينهنّ خروف
فأمّا وقد أبصرت وجهك مقبلا ... فأصرف عنه إنني لضعيف
ومالي من الدّنيا سواك ولا لمن ... تركت ورائي مربع ومصيف
وقد علم الحيّان قيس وخندف ... ومن هو فيها نازل وحليف
تخطّيت أعناق الملوك ورحلتي ... إليك وقد حنّت إليك صروف
فجئتك أبغي اليسر منك فمرّ بي ... ببابك من ضرب العبيد صنوف
فلا تجعلن لي نحو بابك عودة ... فقلبي من ضرب الشّروط مخوف
فاستضحك مالك حتى كاد أن يسقط عن فرسه؛ ثم قال لمن حوله: من يعطيه درهما بدرهمين وثوبا بثوبين؟ فوقعت عليه الثياب والدراهم من كل جانب حتى تحير الأعرابي؛ ثم قال له: هل بقيت لك حاجة يا أعرابي؟ قال: أما إليك فلا! قال: فإلى من؟ قال: إلى الله أن يبقيك للعرب؛ فإنها لا تزال بخير ما بقيت لها.
دخل أعرابي إلى هشام بن عبد الملك، فقال: يا أمير المؤمنين، أتت علينا ثلاثة أعوام: فعام أذاب الشحم، وعام أكل اللحم، وعام انتقى العظم «2» ؛ وعندكم أموال، فإن تكن لله فبثوها في عباد الله، وإن تكن للناس فلم تحجب عنهم، وإن تكن لكم فتصدقوا؛ إن الله يجزي المتصدقين! قال هشام: هل من حاجة غير هذه يا أعرابي؟
قال: ما ضربت إليك أكباد الإبل أدّرع الهجير، وأخوض الدجا لخاصّ دون عام، ولا خير في خير لا يعم. فأمر له هشام بأموال فرّقت في الناس؛ وأمر للأعرابي بمال فرّقه في قومه.
لبعض الأعراب:
طلب أعرابي من رجل حاجة فوعده قضاءها؛ فقال الأعرابي: إن من وعد قضى الحاجة وإن كثرت؛ والمطل من غير عسر آفة الجود.
وقال أعرابي، وأتى رجلا لم تكن بينهما حرمة في حاجة له، فقال: إني امتطيت إليك الرجاء، وسرت على الأمل، ووفدت بالشكر، وتوسلت بحسن الظن: فحقق الأمل، وأحسن المثوبة، وأكرم القصد، وأتم الود، وعجل المراد.
وقف أعرابي على حلقة يونس النحوي، فقال: الحمد لله، وأعوذ بالله أن أذكر به وأنساه، إنا أناس قدمنا هذه المدينة ثلاثون رجلا؛ لا ندفن ميتا؛ ولا نتحول من منزل وإن كرهناه؛ فرحم الله عبدا تصدّق على ابن سبيل، ونضو «1» طريق، ورسل سنة؛ فإنه لا قليل من الأجر؛ ولا غني عن الله، ولا عمل بعد الموت؛ يقول الله عز وجل: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً
«2» إن الله لا يستقرض من عوز؛ ولكن ليبلو خيار عباده.
وقف أعرابي في شهر رمضان على قوم؛ فقال: يا قوم لقد ختمت هذه الفريضة على أفواهنا من صبح أمس، ومعي بنتان لي، والله ما علمتهما تخلالا بخلال؛ فهل رجل كريم يرحم اليوم مقامنا، ويرد حشاشتنا؛ منعه الله أن يقوم مقامي فإنه مقام ذل وعار وصغار! فافترق القوم ولم يعطوه شيئا! فالتفت إليهم حتى تأملهم جميعا، ثم قال: أشدّ والله عليّ من سوء حالي وفاقتي، توهّمي فيكم المواساة! انتعلوا الطريق لاصحبكم الله.
الأصمعي قال: وقف أعرابيّ علينا فقال: يا قوم، تتابعت علينا سنون بتغير وانتفاص، فما تركت لنا هبعا ولا ربعا «1» ، ولا عافطة ولا نافطة «2» ، ولا ثاغية ولا راغية «3» ؛ فأماتت الزرع، وقتلت الضرع، وعندكم من مال الله فضل نعمة؛ فأعينوني من فضل ما آتاكم الله، وارحموا أبا أيتام، ونضو زمان «4» ؛ فلقد خلفت أقواما يمرضون مريضهم ولا يكفنون ميتهم، ولا ينتقلون من منزل إلى منزل وإن كرهوه؛ ولقد مشيت حتى انتعلت الدماء، وجعت حتى أكلت النوى.
لأعرابية مع عبد الرحمن ابن أبي بكر:
الأصمعي قال: وقفت أعرابية من هوازن على عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فقالت: إني أتيت من أرض شاسعة، تهيضني هائضة «5» وترفعني رافعة في بواد برين لحمي، وهضن عظمي: وتركنني والهة، قد ضاق بي البلد، بعد الأهل والولد، وكثرة من العدد؛ لا قرابة تؤويني، ولا عشيرة تحميني، فسألت أحياء العرب: من المرتجى سيبه، المأمون عيبه، الكثير نائله، المكفيّ سائله؟ فدللت عليك؛ وأنا امرأة من هوازن، فقدت الولد والوالد، فاصنع في أمري واحدة من ثلاث: إما أن تحسن صفدي، وإما أن تقيم أودي، وإما أن تردّني إلى بلدي. قال: بل أجمعين لك! ففعل ذلك بها أجمع.
وقال أعرابي:
يا عامل الخير رزقت الجنّة ... أكس بنيّاتي وأمّهنّه
وكن لنا من الزمان جنّه ... واردد علينا إنّ إنّ إنّه
أقسمت بالله لتفعلنّه
لبعض الأعراب:
الأصمعي قال: وقفت أعرابية فقالت: يا قوم، سنة جردت وأيد جمدت، وحال أجهدت؛ فهل من فاعل لخير، وآمر بمير؟ رحم الله من رحم، وأقرض من يقرض.
الأصمعي قال: أصابت الأعراب أعوام جدبة وشدة وجهد، فدخلت طائفة منهم البصرة وبين أيديهم أعرابي وهو يقول: أيها الناس، إخوانكم في الدين، وشركاؤكم في الإسلام، عابر وسبيل، وفلال «1» بؤس، وصرعى جدب، تتابعت علينا سنون ثلاثة، غيرت النّعم وأهلكت النّعم، فأكلنا ما بقي من جلودها فوق عظامها فلم نزل نعلل بذلك أنفسنا، ونمنّي بالغيث قلوبنا، حتى عاد محنا عظاما، وعاد إشراقنا ظلاما، وأقبلنا إليك يصرعنا الوعر، ويكننا السهل، وهذه آثار مصائبنا، لائحة في سماتنا، فرحم الله متصدقا من كثير، ومواسيا من قليل، فلقد عظمت الحاجة، وكسف البال وبلغ المجهود، والله يجزي المتصدقين.
الأصمعي قال: كنت في حلقة بالبصرة إذ وقف علينا أعرابي سائلا، فقال: أيها الناس، إن الفقر يهتك الحجاب، ويبرز الكعاب؛ وقد حملتنا سنو المصائب، ونكبات الدهور، على مركبها الوعر، فواسوا أبا أيتام، ونضو زمان، وطريد فاقة، وطريح هلكة، رحمكم الله.
أتى أعرابي عمر بن عبد العزيز فقال: رجل من أهل البادية، ساقته إليك الحاجة، وبلغت به الغاية، والله سائلك عن مقامي هذا. فقال عمر. ما سمعت أبلغ من قائل ولا أوعظ لمقول له من كلامك هذا.
سمع عدي بن حاتم رجلا من الأعراب وهو يقول: يا قوم، تصدقوا على شيخ معيل، وعابر سبيل، شهد له ظاهره، وسمع شكواه خالقه، بدنه مطلوب وثوبه مسلوب! فقال له: من أنت؟ قال: رجل من بني سعد في دية لزمتني، قال: فكم هي؟ قال: مائة بعير. قال: دونكها في بطن الوادي! سأل أعرابي رجلا فأعطاه، فقال: جعل الله للمعروف إليك سبيلا، وللخير عليك دليلا، ولا جعل حظّ السائل منك عذرة صادقة.
وقف أعرابي بقوم فقال: أشكو إليكم أيها الملأ زمانا كلح «1» فيّ وجهه، وأناخ عليّ كلكله، بعد نعمة من البال، وثروة من المال، وغبطة من الحال؛ اعتورتني شدائده، بنبل مصائبه، عن قسيّ نوائبه، فما ترك لي ثاغية أجتدي ضرعها، ولا راغية أرتجي نفعها، فهل فيكم من معين على صرفه، أو معد على حتفه؟ فردّ القوم عليه ولم ينيلوه شيئا؛ فأنشأ يقول:
قد ضاع من يأمل من أمثالكم ... جودا وليس الجود من فعالكم
لا بارك الله لكم في مالكم ... ولا أزاح السوء عن عيالكم
فالفقر خير من صلاح حالكم
الأصمعي قال: سأل أعرابي فلم يعط شيئا، فرفع يديه إلى السماء وقال:
يا ربّ ثقتي وذخري ... لصبية مثل صغار الذّرّ
جاءهم البردوهم بشرّ ... بغير لحف وبغير أزر
كأنهم خنافس في جحر ... تراهم بعد صلاة العصر
وكلّهم ملتصق بصدري ... فاسمع دعائي وتولّ أمري
سأل أعرابي ومعه ابنتان له، فلم يعط شيئا؛ فأنشأ يقول:
أيا ابنتيّ صابرا أباكما ... إنكما بعين من يراكما
الله مولاي وهو مولاكما ... فأخلصا لله في نجواكما
تضرّعا لا تذخرا بكاكما ... لعله يرحم من آواكما
إن تبكيا فالدهر قد أبكاكما
هشام وأعرابي:
العتبي قال: كانت الأعراب تنتجع هشام بن عبد الملك بالخطب كل عام، فتقدّم إليهم الحاجب يأمرهم بالإيجاز، فقام أعرابي فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، إنّ الله تبارك وتعالى جعل العطاء محبة؛ والمنه مبغضة؛ فلأن نحبك خير من أن نبغضك! فأعطاه وأجزل له.
الأصمعي قال: وقف أعرابي غنويّ على قوم؛ فقال بعد التسليم: أيها الناس، ذهب النّيل؛ وعجف الخيل «1» ؛ وبخس الكيل؛ فمن يرحم نضو سفر، وقل سنة، ويقرض الله قرضا حسنا. لا يستقرض الله من عدم، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم. ثم أنشأ يقول:
هل من فتى مقتدر معين ... على فقير بائس مسكين
أبي بنات وأبي بنين ... جزاه ربّي بالذي يعطيني
أفضل ما يجزى به ذو الدّين
لبعض الأعراب:
الأصمعي قال: سمعت أعرابيا يقول لرجل: أطعمك الله الذي أطعمتني له؛ فقد أحييتني بقتل جوعي، ودفعت عني سوء ظني بيومي؛ فحفظك الله على كل جنب، وفرج عنك كل كرب، وغفر لك كل ذنب.
وسأل أعرابيّ رجلا فاعتلّ عليه، فقال: إن كنت كاذبا فجعلك الله صادقا! وقال أعرابي للمأمون:
قل للإمام الذي ترجى فضائله ... رأس الأنام وما الأذناب كالراس
إني أعوذ بهرون وخفرته ... وبابن عمّ رسول الله عبّاس: «2»
من أن تشدّ رحال العيس راجعة ... إلى اليمامة بالحرمان والياس «3»
أعرابي وزوجه في مجاعة:
الأصمعي قال: أصابت الأعراب مجاعة، فمررت برجل منهم قاعد مع زوجته بقارعة الطريق وهو يقول:
يا ربّ إني قاعد كما ترى ... وزوجتي قاعدة كما ترى
والبطن منّي جائع كما ترى ... فما ترى يا ربّنا فيما ترى!
أعرابي في مجاعة:
الأصمعي قال: حدّثني بعض الأعراب قال: أصابتنا سنة وعندنا رجل غني وله كلب، فجعل كلبه يعوي جوعا، فأنشأ يقول:
تشكّى إليّ الكلب شدّة جوعه ... وبي مثل ما بالكلب أو بي أكثر
فقلت: لعلّ الله يأتي بغيثه ... فيضحي كلانا قاعدا يتكبّر
كأني أمير المؤمنين من الغنى ... وأنت من النعمى كأنك جعفر
أعرابي اسمه عمرو:
الأصمعي قال: سأل أعرابيّ رجلا يقال له عمرو، فأعطاه درهمين؛ فردهما عليه وقال:
تركت لعمرو درهميه ولم يكن ... ليغني عنّي فاقتي درهما عمرو
وقلت لعمرو خذهما فاصطرفهما ... سريعين في نقض المودة والأجر
لبعض الأعراب:
أبو الحسن قال: وقف علينا أعرابي، فقال: أخ في كتاب الله، وجار في بلاد الله، وطالب خير من رزق الله؛ فهل فيكم من مواس في الله؟.
الأصمعي قال: ضجر أعرابي بكثرة العيال والولد، وبلغه أنّ الوباء بخيبر شديد؛ فخرج إليها يعرّضهم للموت، وأنشأ يقول:
قلت لحمّى خيبر استعدّي ... هاك عيالي فاجهدي وجدّي
وباكري بصالب وورد ... أعانك الله على ذي الجند «1»
فأخذته الحمى، فمات هو وبقي عياله.
مروان وأعرابي:
سأل أعرابيّ شيخا من بني مروان وحوله قوم جلوس، فقال: أصابتنا سنة. ولي بضع عشرة بنتا، فقال الشيخ: أمّا السنة فوددت والله أن بينكم وبين السماء صفائح من حديد، ويكون مسيلها مما يليني فلا تقطر عليكم قطرة؛ وأمّا البنات فليت الله أضعفهنّ لك أضعافا كثيرة، وجعلك بينهنّ مقطوع اليدين والرجلين ليس لهنّ كاسب غيرك! قال: فنظر إليه الأعرابي ثم قال: والله ما أدري ما أقول لك، ولكن أراك قبيح المنظر، سيء الخلق، فأعضّك الله ببظر أمّهات هؤلاء الجلوس حولك!
طائفي وأعرابي:
وقف أعرابيّ على رجل شيخ من أهل الطائف، فذكر له سنة وسأله. فقالت:
وددت والله أنّ الأرض خطة لا تنبت شيئا! قال: ذلك أيبس لجفير أمّك في استها.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید