المنشورات

الأعرابي في البلاغة والإيجاز

قيل لأعرابي: من أبلغ الناس؟ قال: أحسنهم لفظا وأسرعهم بديهة.
الأصمعي قال: خطب رجل في نكاح فأكثر وطوّل، فقيل: من يجيبه؟ قال أعرابي: أنا. قيل له: أنت وذاك؟ فالتفت إلى الخاطب فقال: إني والله ما أنا من تخطيطك وتمطيطك «5» في شيء، قد متتّ بحرمة، وذكرت حقا، وعظّمت مرجوّا، فحبلك موصول، وفرضك مقبول، وأنت لها كفء كريم، وقد أنكحناك وسلّمنا.
ربيعة الرأي وأعرابي:
وتكلم ربيعة الرأي يوما فأكثر، فكأن العجب داخله، وأعرابي إلى جنبه، فأقبل على الأعرابي فقال: ما تعدّون البلاغة يا أعرابي؟ قال: قلة الكلام وإيجاز الصواب.
قال: فما تعدون العيّ؟ قال: ما كنت فيه منذ اليوم! فكأنما ألقمه حجرا.
شبيب وأعرابي:
شبيب بن شيبة قال: لقيت أعرابيا في طريق مكة، فقال لي: تكتب؟ قلت: نعم.
قال: ومعك دواة؟ قلت: نعم. فأخرج قطعة جراب من كمه، ثم قال: اكتب ولا تزد حرفا ولا تنقص: هذا كتاب كتبه عبد الله بن عقيل الطائي لأمته لؤلؤة: إني أعتقتك لوجه الله واقتحام العقبة، فلا سبيل لي ولا لأحد عليك إلا سبيل الولاء، والمنة عليّ وعليك من الله وحده، ونحن في الحق سواء ثم قال: اكتب شهادتك.
روي أن أعرابيا حضر مجلس ابن عباس، فسمع عنده قارئا يقرأ: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها
«1» ؛ فقال الأعرابي: والله ما أنقذكم منها وهو يرجعكم إليها. فقال ابن عباس: خذوها من غير فقيه.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید