المنشورات

الأعرابي في حسن التوقيع وحسن التشبيه

قيل لأعرابي: ما لك لا تطيل الهجاء؟ قال: يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.
وقيل لأعرابي: كم بين كذا وبلد كذا؟ قال: عمر ليلة وأديم يوم.
وقال آخر: سواد ليلة وبياض يوم.
وقيل لأعرابي: كيف كتمانك للسر؟ قال: ما صدري له إلا قبر.
معاوية وأعرابية:
قال معاوية لأعرابية: هل من قرى؟ قالت: نعم. قال: وما هو؟ قالت: خبز خمير، ولبن فطير، وماء نمير.
وقيل لأعرابي: فيم كنتم؟ قال: كنا بين قدر تفور، وكأس تدور، وحديث لا يحور «1» .
وقيل لأعرابي: ما أعددت للبرد؟ قال: شدة الرعدة، وقرفصاء القعدة، وذرب المعدة «2» .
وقيل لأعرابي: ما لك من الولد؟ قال: قليل خبيث. قيل له: ما معناه؟ قال: إنه لا أقل من واحد، ولا أخبث من أنثى! وقال: أضل أعرابي الطريق ليلا، فلما طلع القمر اهتدى؛ فرفع رأسه إليه متشكرا فقال: ما أدري ما أقول لك وما أقول فيك؛ أأقول رفعك الله! فقد رفعك:
أم أقول: نوّرك الله! فقد نوّرك! أم أقول: حسّنك الله! فقد حسّنك؛ أم أقول:
عمرك الله! فقد عمرك؛ ولكني أقول: جعلني الله فداك! وقيل لأعرابي: ما تقول في ابن العم؟ قال: عدوّك وعدوّ عدوّك.
وقيل لأعرابي وقد أدخل ناقته في السوق ليبيعها: صف لنا ناقتك. قال: ما طلبت عليها قط إلا أدركت، وما طلبت إلا فتّ. قيل له: فلم تبيعها؟ قال: لقول الشاعر:
وقد تخرج الحاجات يا أمّ عامر ... كرائم من ربّ بهنّ ضنين
وقيل لأعرابي: كيف ابنك؟ وكان به عاقا؛ قال: عذاب لا يقاومه الصبر، وفائدة لا يجب فيها الشكر، فليتني قد استودعته القبر.
قيل لشريح القاضي: هل كلمك أحد قط فلم تطق له جوابا؟ قال ما أعلمه إلا أن يكون أعرابيا خاصم عندي ويشير بيديه، فقلت له: أمسك، فإن لسانك أطول من يدك! قال:
أسامريّ أنت لا تمس وقيل لأعرابي: ما عندكم في البادية طبيب؟ قال: حمر الوحش لا تحتاج إلى بيطار.
وقال أعرابي يصف خاتما- فقال: سيّف «1» تدوير حلقته، ودوّر كرسيّ قضته «2» ، وأحكم تركيبه، وأتقن تدبيره، فبه يتمّ الملك، وينفذ الأمر، ويكرم الكتاب ويشرف المكتوب إليه.
وقال آخر يصف خاتما:
وأبيض أمّا جسمه فمنوّر ... نقيّ وأمّا رأسه فمعار
ولم يكتسب إلا لتسكن وسطه ... بزيعة رأس ما عليه خمار «3»
لها أخوات أربع هنّ مثلها ... ولكنها الصّغرى وهنّ كبار «4»












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید