المنشورات
أخبار أبي مهدية الأعرابي
أبو عثمان المازني قال: قال أبو مهدية: بلغني أن الأعراب والأعزاب هجاهما واحد. قلت: نعم. قال: فاقرأ: «الأعزاب أشدّ كفرا ونفاقا» ولا تقرأ: الأعراب.
ولا يغرّك العزب وإن صام وصلى.
وتوفي بنيّ لأبي مهدية صغير، فقيل له: أبشر أبا مهدية؛ فإنا نرجو أن يكون شفيع صدق يوم القيامة! قال: لا وكلنا الله إلى شفاعته، إذا والله يكون أعيانا لسانا وأضعفنا حجة؛ ليته المسكين كفانا نفسه! وقيل لأبي مهدية: أكنتم تتوضؤن بالبادية؟ قال: نعم والله؛ لقد كنا نتوضأ فتكفي التوضئة الواحدة الرجل منا الثلاثة الأيام والأربعة، حتى دخلت علينا هذه الحمر- يعني الموالي- فجعلت تليق أستاهها كما تلاق الدواة «1» .
وقيل لأبي مهدية: أتقرأ من كتاب الله شيئا؟ قال: نعم. ثم افتتح يقرأ:
وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى
«2» حتى انتهى إلى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى
«3» فالتفت إلى صاحب له فقال: إن هؤلاء العلوج «4» يقولون: ووجدك ضالا فهدى.
والله لا أقولها أبدا.
ولما سن أبو مهدية ولي جانبا من اليمامة، وكان به قوم من اليهود أهل عطاء وجدة، فأرسل إليهم فقال: ما عندكم من المسيح؟ قالوا: قتلناه وصلبناه! قال: فهل غرمتم ديته؟ قالوا: لا. قال: إذا والله لا تبرحوا حتى تغرموا ديته! فأرضوه حتى كف عنهم.
وقيل لأبي مهدية: ما أصبركم معشر الأعراب على البدو؛ قال: كيف لا يصبر على البدو من طعامه الشمس وشرابه الريح!؟
ونظر أبو مهدية إلى رجل يستنجي ويكثر من الماء، فقال له: إلى كم تغسلها ويحك! أتريد أن تشرب فيها سويقا! ومات طفل لأبي مهدية، فقيل له: اصبر يا أبا مهدية؛ فإنه فرط افترطته «5» ، وخير قدمته، وذخر أحرزته. فقال: بل ولد دفنته، وثكل تعجلته؛ والله لئن لم أجزع للنقص، لا أفرح للمزيد.
قال أبو عبيدة: سمع أبو مهدية رجلا يقول بالفارسية: زود زود. فقال: ما يقول هذا؟ فقيل له يقول: عجل عجل. فقال: أفلا يقول: حيهلا.
مصادر و المراجع :
١- العقد الفريد
المؤلف: أبو عمر،
شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد
ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)
الناشر: دار
الكتب العلمية - بيروت
الطبعة: الأولى،
1404 هـ
11 مايو 2024
تعليقات (0)