المنشورات

الرشيد والأصمعي:

الأصمعي قال: دخلت على هارون الرشيد وبين يديه بدرة، فقال: يا أصمعي، إن حدثتني بحديث في العجز فأضحكتني وهبتك هذه البدرة. قلت: نعم يا أمير المؤمنين بينا أنا في صحارى الأعراب، إذ أنا بأعرابي قاعد على أجمة، «2» قد احتملت الريح كساءه فألقته على الأجمة، وهو عريان؛ فقلت له: يا أعرابي، ما أجلسك ههنا على هذه الحالة؟ فقال: جارية واعدتها يقال لها سلمى، أنا منتظر لها. فقلت: وما يمنعك من أخذ كسائك؟ قال: العجز يوقفني عن أخذه. فقلت له: فهل قلت في سلمى شيئا؟ قال: نعم. قلت له: أسمعني لله أبوك! قال لا أسمعك حتى تأخذ كسائي تلقيه عليّ! قال: فأخذته فألقيته عليه، فأنشأ يقول:
لعلّ الله أن يأتي بسلمى ... فيبطحها ويلقيني عليها
ويأتي بعد ذاك سحاب مزن ... تطهّرنا ولا نسعى إليها «3»
فاستضحك هارون حتى استلقى على ظهره، وقال. خذ البدرة لا بورك لك فيها.
ذكروا أن أعرابيا أتى عينا من ماء صاف في شهر رمضان، فشرب حتى روى، ثم أومأ بيده إلى السماء فقال.
إن كنت قدّرت الصيا ... م فأعفنا من شهر آب
أو لا فإنّا مفطرو ... ن وصابرون على العذاب
خلا أعرابي بامرأة ليفسق بها فلم ينتشر له؛ فقالت له. قم خائبا! فقال. الخائب من فتح فم الجراب ولم يكل له دقيق. فخجلت ولم تردّ جوابا.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید