المنشورات

مروان والحسن:

بينما معاوية بن أبي سفيان جالس في أصحابه إذ قيل له: الحسن بالباب. فقال معاوية: إن دخل أفسد علينا ما نحن فيه! فقال له مروان بن الحكم: ائذن له؛ فإني أسأله ما ليس عنده فيه جواب. قال معاوية: لا تفعل فإنهم قوم قد ألهموا الكلام وأذن له؛ فلما دخل وجلس قال له مروان: أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن، ويقال إنّ ذلك من الخرق! فقال الحسن: ليس كما بلغك، ولكنا معشر بني هاشم أفواهنا عذبة شفاهها فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهنّ وقبلهنّ؛ وأنتم معشر بني أمية فيكم بخر شديد، فنساؤكم يصرفن أفواههنّ وأنفاسهنّ عنكم إلى أصداغكم؛ فإنما يشيب منكم موضع العذار من أجل ذلك. قال مروان: إن فيكم يا بني هاشم خصلة سوء. قال: وما هي؟
قال: الغلمة «2» . قال: أجل، نزعت الغلمة من نسائنا ووضعت في رجالنا، ونزعت الغلمة من رجالكم ووضعت في نسائكم، فما قام لأموية إلا هاشمي! فغضب معاوية وقال: قد كنت أخبرتكم فأبيتم حتى سمعتم ما أظلم عليكم بيتكم وأفسد عليكم مجلسكم.
فخرج الحسن وهو يقول:
ومارست هذا الدهر خمسين حجّة ... وخمسا أزجّي قائلا بعد قائل «3»
فلا أنا في الدنيا بلغت جسيمها ... ولا في الذي أهوى كدحت بطائل
وقد أشرعت فيّ المنايا أكفّها ... وأيقنت أني رهن موت بعاجل











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید