المنشورات

الأحنف وشامي لعن عليا:

الشيباني عن أبي الجناب الكندي عن أبيه، أن معاوية بن أبي سفيان بينا هو جالس وعنده وجوه الناس، إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا، فكان آخر كلامه أن لعن عليا؛ فأطرق الناس وتكلم الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا القائل ما قال آنفا لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتق الله ودع عنك عليا، فقد لقي ربّه، وأفرد في قبره، وخلا بعمله؛ وكان والله- ما علمنا- المبرّز بسبقه، الطاهر خلقه، الميمون نقيبته «1» ، العظيم مصيبته فقال له معاوية: يا أحنف، لقد أغضيت العين على القذى، وقلت ما ترى! وايم الله لتصعدنّ المنبر فتلعننّه طوعا أو كرها، فقال له الأحنف يا أمير المؤمنين، إن تعفني فهو خير لك، وإن تجبرني على ذلك فوالله لا تجري فيه شفتاي أبدا! قال: قم فاصعد المنبر. قال الأحنف: أما والله مع ذلك لأنصفنك في القول والفعل. قال: وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني؟ قال: أصعد المنبر فأحمد الله بما هو أهله، وأصلّ على نبيه صلّى الله عليه وسلم، ثم أقول: أيها الناس، إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليا، وإن عليا ومعاوية اختلفا فاقتتلا، وادّعى كلّ واحد منهما أنه بغي عليه وعلى فئته؛ فإذا دعوت فأمّنوا رحمكم الله. ثم أقول: اللهم العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغيّ منهما على صاحبه؛ والعن الفئة الباغية؛ اللهم العنهم لعنا كبيرا! أمّنوا رحمكم الله. يا معاوية، لا أزيد على هذا ولا أنقص منه حرفا ولو كان فيه ذهاب نفسي؛ فقال معاوية: إذا نعفيك يا أبا بحر.












مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید