المنشورات

يزيد بن معاوية بعد موت أبيه

الحمد لله الذي ما شاء صنع، من شاء أعطى ومن شاء منع، ومن شاء خفض ومن شاء رفع. إن أمير المؤمنين كان حبلا من حبال الله، مدّه ما شاء أن يمده، ثم قطعه حين أراد أن يقطعه؛ وكان دون من قبله، وخيرا مما يأتي بعد، ولا أزكّيه عند ربه وقد صار إليه؛ فإن يعف عنه فبرحمته، وإن يعاقبه فبذنبه؛ وقد وليت بعده الأمر، ولست أعتذر من جهل، ولا أني على طلب علم؛ وعلى رسلكم «3» إذا كره الله شيئا غيره؛ وإذا أحب شيئا يسّره.
وخطبة ليزيد أيضا
الحمد لله أحمده وأستعينه، وأومن به وأتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا؛ من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، اصطفاه لوحيه، واختاره لرسالته، بكتاب فصّله وفضّله، وأعزّه وأكرمه، ونصره وحفظه؛ ضرب فيه الأمثال، وحلّل فيه الحلال وحرّم فيه الحرام وشرع فيه الدين إعذارا وإنذارا: لئلا يكون للناس على الله حجّة بعد الرسل، ويكون بلاغا لقوم عابدين.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله العظيم الذي ابتدأ الأمور بعلمه وإليه يصير معادها،وانقطاع مدتها، وتصرم دارها. ثم إني أحذّركم الدنيا. فإنها حلوة خضرة، حفّت بالشهوات، وراقت بالقليل، وأينعت بالفاني، وتحببت بالعاجل. لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجيعتها، أكّالة عوّالة غرّارة. لا تبقي على حال. ولا يبقى لها حال. لن تعدو الدنيا- إذا تناهت إلى أمنّية أهل الرغبة فيها. والرضا بها- أن تكون كما قال الله عز وجل: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً
«1» . نسأل الله ربّنا وإلهنا وخالقنا ومولانا أن يجعلنا وإياكم من فزع يومئذ آمنين.
إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله، يقول الله: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
«2» . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
«3» .













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید